الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } * { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } * { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ } وأرسلنا إلى مدين { أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } وافعلوا ما ترجون به الثواب في العاقبة أو خافوه { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } قاصدين الفساد { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } الزلزلة الشديدة أو صيحة جبريل عليه السلام لأن القلوب رجفت بها { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ } في بلدهم وأرضهم { جَـٰثِمِينَ } باركين على الركب ميتين { وَعَاداً } منصوب بإضمار «أهلكنا» لأن قوله { فأخذتهم الرجفة } يدل عليه لأنه في معنى الإهلاك { وَثَمُودَاْ } حمزة وحفص وسهل ويعقوب { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم } ذلك يعني ما وصفه من إهلاكهم { مّن مَّسَـٰكِنِهِمْ } من جهة مساكنهم إذا نظرتم إليها عند مروركم بها، وكان أهل مكة يمرون عليها في أسفارهم فيبصرونها { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ } من الكفر والمعاصي { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } السبيل الذي أمروا بسلوكه هو الإيمان بالله ورسله { وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } عقلاء متمكنين من النظر وتمييز الحق من الباطل ولكنهم لم يفعلوا { وَقَـٰرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ } أي وأهلكناهم { وَلَقَدْ جَاءهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَـٰبِقِينَ } فائتين أدركهم أمر الله فلم يفوتوه { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } فيه رد على من يجوز العقوبة بغير ذنب { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } هي ريح عاصف فيها حصباء وهي لقوم لوط { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ } هي لمدين وثمود { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } يعني قارون { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } يعني قوم نوح وفرعون { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } ليعاقبهم بغير ذنب { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بالكفر والطغيان.