الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }

{ وَأَصْبَحَ } وصار { ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ } منزلته من الدنيا { بِٱلأَمْسِ } ظرف لـ { تمنوا } ولم يرد به اليوم الذي قبل يومك ولكن الوقت القريب استعارة { يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ } و «ي» منفصلة عن «كأن» عند البصريين. قال سيبويه: «وي» كلمة تنبه على الخطأ وتندم يستعملها النادم بإظهار ندامته يعني أن القوم قد تنبهوا على خطئهم في تمنيهم، وقولهم { يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون } وتندموا { لَوْ لاَ أَن مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بصرف ما كنا نتمناه بالأمس { لَخَسَفَ بِنَا } لخَُسِفَ وبفتحتين: حفص ويعقوب وسهل، وفيه ضمير الله تعالى { وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } أي تندموا ثم قالوا: كأنه لا يفلح الكافرون { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } { تلك } تعظيم لها وتفخيم لشأنها يعني تلك التي سمعت بذكرها وبلغك وصفها، وقوله { نَجْعَلُهَا } خبر { تلك } و { الدار } نعتها { لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأَرْضِ } بغياً: ابن جبير، وظلماً: الضحاك أو كبراً { وَلاَ فَسَاداً } عملاً بالمعاصي أو قتل النفس أو دعاء إلى عبادة غير الله. ولم يعلق الموعد بترك العلو والفساد ولكن بترك إرادتهما وميل القلوب إليهما كما قالوَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [هود: 113] فعلق الوعيد بالركون. وعن علي رضي الله عنه: إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها. وعن الفضيل: إنه قرأها ثم قال: ذهبت الأماني ههنا. وعن عمر بن عبد العزيز: إنه كان يرددها حتى قبض. وقال بعضهم: حقيقته التنفير عن متابعة فرعون وقارون متشبثاً بقوله { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } { وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلأَرْضِ } { وَٱلْعَـٰقِبَةُ } المحمودة { لّلْمُتَّقِينَ }.