الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } ولم يقل بنهار تتصرفون فيه كما قال { بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } بل ذكر الضياء وهو ضوء الشمس لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة ليس التصرف في المعاش وحده، والظلام ليس بتلك المنزلة ومن ثم قرن بالضياء { أفلا تسمعون } لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده، وقرن بالليل { أفلا تبصرون } لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي لتسكنوا بالليل ولتبتغوا من فضل الله في النهار فيكون من باب اللف والنشر { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله على نعمه. وقال الزجاج: يجوز أن يكون معناه لتسكنوا فيهما ولتبتغوا من فضل الله فيهما، ويكون المعنى جعل لكم الزمان ليلاً ونهاراً لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله فيه { وَيَوْمَ يُنَـٰدِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } كرر التوبيخ لاتخاذ الشركاء ليؤذن أن لا شيء أجلب لغضب الله من الإشراك به كما لا شيء أدخل في مرضاته من توحيده { وَنَزَعْنَا } وأخرجنا { مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } يعني نبيهم لأن الأنبياء للأمم شهداء عليهم يشهدون بما كانوا عليه { فَقُلْنَا } للأمم { هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } فيما كنتم عليه من الشرك ومخالفة الرسل { فَعَلِمُواْ } حينئذ { أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ } التوحيد { وَضَلَّ عَنْهُم } وغاب عنهم غيبة الشيء الضائع { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من ألوهية غير الله والشفاعة لهم.