الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } * { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } * { فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

{ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ } موسى { أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِى } بالقبطي الذي { هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا } لموسى والإسرائيلي لأنه ليس على دينهما، أو لأن القبط كانوا أعداء بني إسرائيل { قَالَ } الإسرائيلي لموسى عليه السلام وقد توهم أنه أراد أخذه لا أخد القبطي إذ قال له { إنك لغوي مبين } { يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً } يعني القبطي { بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ } ما تريد { إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً } أي قتالاً بالغضب { فِى ٱلأَرْضِ } أرض مصر { وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } في كظم الغيظ، وكان قتل القبطي بالأمس قد شاع ولكن خفي قاتله، فلما أفشى على موسى عليه السلام علم القبطي أن قاتله موسى فأخبر فرعون فهموا بقتله.

{ وَجَاء رَجُلٌ مّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ } هو مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون { يَسْعَىٰ } صفة لرجل أو حال من رجل لأنه وصف بقوله { من أقصى المدينة } { قَالَ يَـا مُوسَىٰ أَنِ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } أي يأمر بعضهم بعضاً بقتلك أو يتشاورون بسببك، والائتمار: التشاور. يقال الرجلان يتآمران ويأتمران لأن كل واحد منهما يأمر صاحبه بشيء أو يشير عليه بأمر { فَٱخْرُجْ } من المدينة { إِنّى لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } { لك } بيان وليس بصلة { الناصحين } لأن الصلة لا تتقدم على الموصول كأنه قال: إني من الناصحين، ثم أراد أن يبين فقال: لك كما يقال سقياً لك ومرحباً لك { فَخَرَجَ } موسى { مِنْهَا } من المدينة { خَائِفاً يَتَرَقَّبُ } التعرض له في الطريق أو أن يلحقه من يقتله { قَالَ رَبّ نَجّنِى مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي قوم فرعون.

{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ } نحوها، والتوجه الإقبال على الشيء، ومدين قرية شعيب عليه السلام سميت بمدين بن إبراهيم ولم تكن في سلطان فرعون، وبينما وبين مصر مسيرة ثمانية أيام. قال ابن عباس رضي الله عنهما: خرج ولم يكن له علم بالطريق إلا حسن الظن بربه { قَالَ عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ } أي وسطه ومعظم نهجه فجاءه ملك فانطلق به إلى مدين