الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } * { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ }

{ قَالَ رَبّ } يا رب { إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى } بفعل صار قتلاً { فَٱغْفِرْ لِى } زلتي { فَغَفَرَ لَهُ } زلته { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } بإقالة الزلل { ٱلرَّحِيمِ } بإزالة الخجل { قَالَ رَبّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً } معيناً { لّلْمُجْرِمِينَ } للكافرين و { بما أنعمت } على قسم جوابه محذوف تقديره أقسم بإنعامك علي بالمغفرة لأتوبن فلن أكون ظهيراً للمجرمين، أو استعطاف كأنه قال: رب اعصمني بحق ما أنعمت علي من المغفرة فلن أكون إن عصمتني ظهيراً للمجرمين، وأراد بمظاهرة المجرمين صحبة فرعون وانتظامه في جملته وتكثيره سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد.

{ فَأَصْبَحَ فِى ٱلْمَدِينَةِ خَائِفاً } على نفسه من قتله القبطي أن يؤخذ به { يَتَرَقَّبُ } حال أي يتوقع المكروه وهو الاستقادة منه أو الأخبار أو ما يقال فيه، وقال ابن عطاء: خائفاً على نفسه يترقب نصرة ربه. وفيه دليل على أنه لا بأس بالخوف من دون الله بخلاف ما يقوله بعض الناس أنه لا يسوغ الخوف من دون الله { فَإِذَا ٱلَّذِى } { إذا } للمفاجأة وما بعدها مبتدأ { ٱسْتَنْصَرَهُ } أي موسى { بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } يستغيثه والمعنى أن الإسرائيلي الذي خلصه موسى استغاث به ثانياً من قبطي آخر { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } أي للإسرائيلي { إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ } أي ضال عن الرشد ظاهر الغي فقد قاتلت بالأمس رجلاً فقتلته بسببك، والرشد في التدبير أن لا يفعل فعلاً يفضي إلى البلاء على نفسه وعلى من يريد نصرته.