الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } * { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

{ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ } استعجلوا العذاب الموعود فقيل لهم عسى أن يكون ردفكم بعضه وهو عذاب يوم بدر فزيدت اللام للتأكيد كالباء فيوَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [البقرة: 195] أو ضمن معنى فعل يتعدى باللام نحو دنا لكم وأزف لكم ومعناه تبعكم ولحقكم، وعسى ولعل وسوف في وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجده فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ } أي إفضال { عَلَى ٱلنَّاسِ } بترك المعاجلة بالعذاب { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } أي أكثرهم لا يعرفون حق النعمة فيه ولا يشكرونه فيستعجلون العذاب بجهلهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ } تخفي { صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } يظهرون من القول فليس تأخير العذاب عنهم لخفاء حالهم ولكن له وقت مقدر، أو أنه يعلم ما يخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكايدهم وهو معاقبهم على ذلك بما يستحقونه. وقرى { تكنّ } يقال كننت الشيء وأكننته إذا سترته وأخفيته { وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِى ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } سمى الشيء الذي يغيب ويخفى غائبة وخافية، والتاء فيهما كالتاء في العاقبة والعافية ونظائرهما الرمية والذبيحة والنطيحة في أنها أسماء غير صفات، ويجوز أن يكونا صفتين وتاؤهما للمبالغة كالراوية كأنه قال: وما من شيء شديد الغيبوبة إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المحفوظ. والمبين الظاهر البيّن لمن ينظر فيه من الملائكة.

{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ } أي يبين لهم { أَكْثَرَ ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } فإنهم اختلفوا في المسيح فتحزبوا فيه أحزاباً ووقع بينهم التناكر في أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضاً، وقد نزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه لو أنصفوا وأخذوا به وأسلموا يريد اليهود والنصارى