الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } * { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ }

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ } في النسب { صَـٰلِحاً } بدل { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } بكسر النون في الوصل: عاصم وحمزة وبصري، وبضم النون: غيرهم اتباعاً للباء، والمعنى بأن اعبدوا الله وحدوه { فَإِذَا } للمفاجأة { هُمْ } مبتدأ { فَرِيقَانِ } خبر { يَخْتَصِمُونَ } صفة وهي العامل في { إِذَا } والمعنى فإذا قوم صالح فريقان مؤمن به وكافر به يختصمون فيقول كل فريق الحق معي وهو مبين في قوله:قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَـٰلِحاً مُّرْسَلٌ مّن رَّبّهِ قَالُواْ إِنَّا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي أمنتم به كافرون } [الأعراف: 75] وقال الفريق الكافر:يَاصَـٰحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } { [الأعراف: 77] { قَالَ يَـا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيّئَةِ } بالعذاب الذي توعدون { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } قبل التوبة { لَوْلاَ } هلا { تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } تطلبون المغفرة من كفركم بالتوبة والإيمان قبل نزول العذاب بكم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } بالإجابة { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ } تشاءمنا بك لأنهم قحطوا عند مبعثه لتكذيبهم فنسبوه إلى مجيئه. والأصل { تَطَيَّرْنَا } وقريء به فأدغمت التاء في الطاء وزيدت الألف لسكون الطاء { وَبِمَن مَّعَكَ } من المؤمنين { قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ } أي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله وهو قدره وقسمته، أو عملكم مكتوب عند الله فإنما نزل بكم ما نزل عقوبة لكم وفتنة ومنهوَكُلَّ إِنْسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَـئِرَهُ فِى عُنُقِهِ } [الإسراء:13] وأصله أن المسافر إذا مر بطائر فيزجره فإن مر سانحاً تيامن، وإذا مر بارحاً تشاءم، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته، أو من عمل العبد الذي هو السبب في الرحمة والنقمة { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } تختبرون أو تعذبون بذنبكم.