الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً }

{ والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا } «من» للبيان كأنه قيل: هب لنا قرة أعين. ثم بينت القرة وفسرت بقوله من أزواجنا { وذرّيّاتنا } ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم «رأيت منك أسداً» أي أنت أسد، أو للابتداء على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح { وذريتنا } أبو عمر وكوفي غير حفص لإرادة الجنس وغيرهم { ذرياتنا } { قرّة أعينٍ } وإنما نكر لأجل تنكير القرة لأن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه كأنه قال: هب لنا منهم سروراً وفرحاً. وإنما قيل { أعين } على القلة دون «عيون» لأن المراد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قال الله تعالى:وقليل من عبادى الشكور } [سبأ: 13] ويجوز أن يقال في تنكير { أعين } إنها أعين خاصة وهي أعين المتقين، والمعنى أنهم سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجاً وأعقاباً عمالاً لله تعالى يسرون بمكانهم وتقر بهم عيونهم. وقيل: ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله تعالى. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هو الولد إذا رآه يكتب الفقه { واجعلنا للمتّقين إماماً } أي أئمة يقتدون بنا في الدين فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس، أو واجعل كل واحد منا إماماً. قيل: في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها.

{ أولئك يجزون الغرفة } أي الغرفات وهي العلالي في الجنة فوحد اقتصاراً على الواحد الدال على الجنس دليله قوله:وهم في الغرفات آمنون } [سبأ: 37] { بما صبروا } أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات وعلى أذى الكفار ومجاهدتهم وعلى الفقر وغير ذلك { ويلقّون فيها } { ويلقون } كوفي غير حفص { تحيّةً } دعاء بالتعمير { وسلاماً } ودعاء بالسلامة يعني أن الملائكة يحيونهم ويسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضاً ويسلم عليه