الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً }

{ وعباد الرّحمن } مبتدأ خبره { الذين يمشون } أو أولئك يجزون { والذين يمشون } وما بعدهما صفة والإضافة إلى الرحمن للتخصيص والتفضيل. وصف أولياءه بعدما وصف أعداءه { على الأرض هوناً } حال أو صفة للمشي أي هينين أو مشياً هيناً. والهون الرفق واللين أي يمشون بسكينة ووقار وتواضع دون مرح واختيال وتكبر فلا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشراً وبطراً ولذا كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ولقوله:ويمشون في الأسواق } { وإذا خاطبهم الجاهلون } أي السفهاء بما يكرهون { قالوا سلاماً } سداداً من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإفك أو تسلماً منكم نتارككم ولا نجاهلكم فأقيم السلام مقام التسلم. وقيل: نسختها آية القتال. ولا حاجة إلى ذلك فالإغضاء عن السفهاء مستحسن شرعاً ومروءة. هذا وصف نهارهم ثم وصف ليلهم بقوله { والذين يبيتون لربّهم سجّداً } جمع ساجد { وقياماً } جمع قائم والبيتوتة خلاف الظلول وهي أن يدركك الليل نمت أو لم تنم. وقالوا: من قرأ شيئاً من القرآن في صلاة وإن قل فقد بات ساجداً وقائماً. وقيل: هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء. والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره { والذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّمّ إنّ عذابها كان غراماً } هلاكاً لازماً ومنه الغريم لملازمته. وصفهم بإحياء الليل ساجدين قائمين ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه إيذاناً بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون متضرعون إلى الله في صرف العذاب عنهم