الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } * { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } * { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ } أي الله { أَهْوَاءضهُمْ } فيما يعتقدون من الآلهة { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ } كما قاللَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22] { وَمَن فِيهِنَّ } خص العقلاء بالذكر لأن غيرهم تبع { بَلْ أَتَيْنَـٰهُمْ بِذِكْرِهِمْ } بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو شرفهم لأن الرسول منهم والقرآن بلغتهم، أو بالذكر الذي كانوا يتمنونهوَيَقُولونَ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ ٱلاْوَّلِينَ } [الصافات: 168] الآية. { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } بسوء اختيارهم { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ } حجازي وبصري وعاصم، { خرجا فخرج } شامي، { خراجا فخراج } علي وحمزة، وهو ما تخرجه إلى الإمام من زكاة أرضك وإلى كل عامل من أجرته وجعله، والخرج أخص من الخراج تقول «خراج القرية وخرج الكوفة» فزيادة اللفظ لزيادة المعنى ولذا حسنت لقراءة الأولى يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلاً من عطاء الخلق فالكثير من الخالق خير { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرازِقِينَ } أفضل المعطين { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو دين الإسلام فحقيق أن يستجيبوا لك.

{ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصّرٰطِ لَنَـٰكِبُونَ } لعادلون عن هذا الصراط المذكور وهو الصراط المستقيم { وَلَوْ رَحِمْنَـٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ } لما أخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز جاء أبو سفيان إلى " رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال: «بلى» فقال: قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت الآية. " والمعنى لو كشف الله عنهم هذا الضر وهو القحط الذي أصابهم برحمته لهم ووجدوا الخصب { لَّلَجُّواْ } أي لتمادوا { فِي طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ } يترددون يعني لعادوا إلى ما كانوا عليه من الاستكبار وعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ولذهب عنهم هذا التملق بين يديه.