الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } * { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ }

{ ذٰلِكَ } مبتدأ خبره { بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } أي ذلك الذي ذكرنا من خلق بني آدم وإحياء الأرض مع ما في تضاعيف ذلك من أصناف الحكم حاصل بهذا وهو أن الله هو الحق أي الثابت الوجود { وَأَنَّهُ يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } كما أحيا الأرض { وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } قادر { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ } أي أنه حكيم لا يخلف الميعاد وقد وعد الساعة والبعث فلا بد أن يفي بما وعد { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ } في صفاته فيصفه بغير ما هو له. نزلت في أبي جهل { بِغَيْرِ عِلْمٍ } ضروري { وَلاَ هُدًى } أي استدلال لأنه يهدي إلى المعرفة { وَلاَ كِتَـٰبٍ مُّنِيرٍ } أي وحي والعلم للإنسان من أحد هذه الوجوه الثلاثة { ثَانِىَ عِطْفِهِ } حال أي لاوياً عنقه عن طاعة الله كبراً وخيلاء. وعن الحسن: { ثاني عطفه } بفتح العين أي مانع تعطفه إلى غيره { لِيُضِلَّ } تعليل للمجادلة. { ليضل } مكي وأبو عمرو { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } دينه { لَهُ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ } أي القتل يوم بدر { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } أي جمع له عذاب الدارين { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } أي السبب في عذاب الدارين هو ما قدمت نفسه من الكفر والتكذيب، وكنى عنها باليد لأن اليد آلة الكسب { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } فلا يأخذ أحداً بغير ذنب ولا بذنب غيره وهو عطف على { بما } أي وبأن الله. وذكر الظلام بلفظ المبالغة لاقترانه بلفظ الجمع وهو العبيد، ولأن قليل الظلم منه مع علمه بقبحه واستغنائه كالكثير منا.