الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } * { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } * { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } * { قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ }

ومحل { ٱلَّذِينَ } جر على الوصفية أو نصب على المدح أو رفع عليه { يَخْشَوْنَ رَبَّهُم } يخافونه { بِٱلْغَيْبِ } حال أي يخافونه في الخلاء { وَهُمْ مّنَ ٱلسَّاعَةِ } القيامة وأهوالها { مُشْفِقُونَ } خائفون { وَهَـٰذَا } القرآن { ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ } كثير الخير غزير النفع { أَنزَلْنَـٰهُ } على محمد { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } استفهام توبيخ أي جاحدون أنه منزل من عند الله.

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا إِبْرٰهِيمَ رُشْدَهُ } هداه { مِن قَبْلُ } من قبل موسى وهرون أو من قبل محمد عليه السلام { وَكُنَّا بِهِ } بابراهيم أو برشده { عَـٰلِمِينَ } أي علمنا أنه أهل لما آتيناه { إِذْ } إما أن تتعلق بـ { اتيناه } أو بـ { رشده } { قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَـٰثِيلُ } أي الأصنام المصورة على صورة السباع والطيور والإنسان، وفيه تجاهل لهم ليحقر آلهتهم مع علمه بتعظيمهم لها { ٱلَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَـٰكِفُونَ } أي لأجل عبادتها مقيمون. فلما عجزوا عن الإتيان بالدليل على ذلك.

{ قَالُواْ وَجَدْنَا ءابَاءنَا لَهَا عَـٰبِدِينَ } فقلدناهم { قَالَ } إبراهيم { لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أراد أن المقلدين والمقلدين منخرطون في سلك ضلال ظاهر لا يخفى على عاقل، وأكد بـ { أنتم } ليصح العطف لأن العطف على ضمير هو في حكم بعض الفعل ممتنع { قَالُواْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقّ } بالجد { أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ } أي أجاد أنت فيما تقول أم لاعب استعظاماً منهم إنكاره عليهم واستبعاداً لأن يكون ما هم عليه ضلالاً، فثم أضرب عنهم مخبراً بأنه جاد فيما قال غير لاعب مثبتاً لربوبية الملك العلام وحدوث الأصنام بقوله: