الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } * { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } * { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

{ قُلْ إِنَّمَا } إنما لقصر الحكم على شيء أو لقصر الشيء على حكم نحو «إنما زيد قائم وإنما يقوم زيد». وفاعل { يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } والتقدير يوحي إليَّ وحدانية إلهي، ويجوز أن يكون المعنى أن الذي يوحي إليّ فتكون «ما» موصولة { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } استفهام بمعنى الأمر أي أسلموا { فَإِن تَوَلَّوْاْ } عن الإسلام { فَقُلْ ءاذَنتُكُمْ } أعلمتكم ما أمرت به { عَلَىٰ سَوَاء } حال أي مستوين في الإعلام به ولم أخصص بعضكم، وفيه دليل بطلان مذهب الباطنية { وَإِنْ أَدْرِى أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } أي لا أدري متى يكون يوم القيامة لأن الله تعالى لم يطلعني عليه ولكني أعلم بأنه كائن لا محالة، أو لا أدري متى يحل بكم العذاب إن لم تؤمنوا { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } إنه عالم بكل شيء يعلم ما تجاهرونني به من الطعن في الإسلام وما تكتمونه في صدوركم من الأحقاد للمسلمين وهو مجازيكم عليه.

{ وَإِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ } وما أدري لعل تأخير العذاب عنكم في الدنيا امتحان لكم لينظر كيف تعملون { وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } وتمتيع لكم إلى الموت ليكون ذلك حجة عليكم { قَالَ رَبّ ٱحْكُم بِٱلْحَقّ } اقض بيننا وبين أهل مكة بالعدل، أو بما يحق عليهم من العذاب ولا تحابهم وشدد عليهم كما قال «واشدد وطأتك على مضر». { قال رب } حفص على حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { رب احكم } يزيد { ربي أحكم } زيد عن يعقوب { وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } العاطف على خلقه { ٱلْمُسْتَعَانُ } المطلوب منه المعونة { عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } وعن ابن ذكوان بالياء، كانوا يصفون الحال على خلاف ما جرت عليه وكانوا يطمعون أن تكون الشوكة لهم والغلبة فكذب الله ظنونهم وخيب آمالهم ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وخذلهم أي الكفار وهو المستعان على ما يصفون.