الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

{ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } صوتها الذي يحس وحركة تلهبها وهذه مبالغة في الإبعاد عنها أي لا يقربونها حتى لا يسمعوا صوتها وصوت من فيها { وَهُمْ فِى مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ } من النعيم { خَـٰلِدُونَ } مقيمون والشهوة طلب النفس اللذة { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } النفخة الأخيرة { وَتَتَلَقَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } أي تستقبلهم الملائكة مهنئين على أبواب الجنة يقولون { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي هذا وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم في الدنيا.

العامل في { يَوْمَ نَطْوِى ٱلسَّمَاء } { لا يحزنهم } أو { تتلقاهم } { تطوى السماء } يزيد، وطيها تكوير نجومها ومحو رسومها أو هو ضد النشر نجمعها ونطويها { كَطَىّ ٱلسّجِلّ } أي لصحيفة { لِلْكُتُبِ } حمزة وعلي وحفص أي للمكتوبات أي لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة وغيرهم للكتاب أي كما يطوى الطومار للكتابة، أو لما يكتب فيه لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء ثم يوقع على المكتوب. وقيل: السجل: ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه. وقيل: كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والكتاب على هذا اسم الصحيفة المكتوب فيها والطي مضاف إلى الفاعل وعلى الأول إلى المفعول { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } انتصب الكاف بفعل مضمر يفسره { نعيده } و «ما» موصولة أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده، و { أول خلق } ظرف لـ { بدأنا } أي أول ما خلق، أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ الثابت في المعنى. وأول الخلق إيجاده أي فكما أوجده أو لا يعيده ثانياً تشبيهاً للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء. والتنكير في خلق مثله في قولك «هو أول رجل جاءني» تريد أول الرجال ولكنك وحدته ونكرته إرادة تفصيلهم رجلاً رجلاً فكذلك معنى { أول خلق } أول الخلق بمعنى أول الخلائق لأن الخلق مصدر لا يجمع { وَعْداً } مصدر مؤكد لأن قوله { تعيده } عدة للإعادة { عَلَيْنَا } أي وعدا كائناً لا محالة { إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِينَ } ذلك أي محققين هذا الوعد فاستعدوا له وقدموا صالح الأعمال للخلاص من هذه الأهوال.