{ إِذْ تَمْشِى } بدل من { إِذْ أَوْحَيْنَا } لأن مشي أخته كان منة عليه { أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } رُوي أن أخته مريم جاءت متعرفة خبره فصادفتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل ثدي امرأة فقالت: هل أدلكم على من يضمه إلى نفسه فيربيه وأرادت بذلك المرضعة الأم. وتذكير الفعل للفظ { مِنْ } ، فقالوا: نعم فجاء بالأم فقبل ثديها وذلك قوله { فَرَجَعْنَـٰكَ } فرددناك { إِلَىٰ أُمّكَ } كما وعدناها بقولنا{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ } [القصص: 7] { كَى تَقَرَّ عَيْنُها } بلقائك { وَلاَ تَحْزَنْ } على فراقك { وَقَتَلْتَ نَفْساً } قبطياً كافراً { فَنَجَّيْنَـٰكَ مِنَ ٱلْغَمّ } من القود. قيل الغم: القتل بلغة قريش وقيل: اغتم بسبب القتل خوفاً من عقاب الله تعالى ومن اقتصاص فرعون فغفر الله له باستغفاره{ قَالَ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى } [القصص: 16] ونجاه من فرعون بأن ذهب به من مصر إلى مدين { وَفَتَنَّـٰكَ فُتُوناً } ابتليناك ابتلاء بإيقاعك في المحن وتخليصك منها، والفتون مصدر كالقعود أو جمع فتنة أي فتناك ضروباً من الفتن، والفتنة المحنة وكل ما يبتلي الله به عباده فتنة.{ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [الأنبياء: 35] { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } هي بلدة شعيب عليه السلام على ثمان مراحل من مصر. قال وهب: لبث عند شعيب ثمانياً وعشرين سنة، عشر منها مهر لصفوراء، وأقام عنده ثمان عشرة سنة بعدها حتى ولد له أولاد. { ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } أي موعد ومقدار للرسالة وهو أربعون سنة { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } اخترتك واصطفيتك لوحي ورسالتي لتتصرف على إرادتي ومحبتي. قال الزجاج: اخترتك لأمري وجعلتك القائم بحجتي والمخاطب بيني وبين خلقي كأني أقمت عليهم الحجة وخاطبتهم. { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـئَايَـٰتِى } بمعجزاتي { وَلاَ تَنِيَا } تفترا من الونى وهو الفتور والتقصير { فِى ذِكْرِى } أي اتخذا ذكري جناحاً تطيران به أو أريد بالذكر تبليغ الرسالة فالذكر يقع على سائر العبادات وتبليغ الرسالة من أعظمها { ٱذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } كرر لأن الأول مطلق والثاني مقيد { إِنَّهُ طَغَىٰ } جاوز الحد بإدعائه الربوبية { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً } الطفا له في القول لما له من حق تربية موسى، أو كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث: أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرة. أو عداه شباباً لا يهرم بعده وملكاً لا ينزع عنه إلا بالموت، أو هو قوله{ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبّكَ فَتَخْشَىٰ } [النازعات: 19] أي يخاف أن يكون الأمر كما تصفان فيجره إنكاره إلى الهلكة. وإنما قال { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } مع علمه أنه لا يتذكر لأن الترجي لهما، أي اذهبا على رجائكما وطمعكما وباشرا الأمر مباشرة من يطمع أن يثمر عمله.