{ وَكَذٰلِكَ } عطف على كذلك نقص أي ومثل ذلك الإنزال { أَنْزَلْنَاهُ قُرْانًا عَرَبِيّا } بلسان العرب { وَصَرَّفْنَا } كررنا { فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يجتنبون الشرك { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ } الوعيد أو القرآن { ذِكْراً } عظة أو شرفاً بإيمانهم به وقيل «أو» بمعنى الواو. { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ } ارتفع عن فنون الظنون وأوهام الأفهام وتنزه عن مضاهاة الأنام ومشابهة الأجسام { ٱلْمَلِكُ } الذي يحتاج إليه الملوك { ٱلْحَقّ } المحق في الألوهية. ولما ذكر القرآن وإنزاله قال استطراداً: وإذا لقنك جبريل ما يوحى إليك من القرآن فتأن عليك ريثما يسمعك ويفهمك { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ } بقراءته { مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ { وَقُل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً } بالقرآن ومعانيه. وقيل: ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم. { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ ءادَمَ } أي أوحينا إليه أن لا يأكل من الشجرة. يقال في أوامر الملوك ووصاياهم تقدم الملك إلى فلان وأوصى إليه وعزم عليه وعهد إليه، فعطف قصة آدم على { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } والمعنى وأقسم قسماً لقد أمرنا أباهم آدم ووصيناه أن لا يقرب الشجرة { مِن قَبْلُ } من قبل وجودهم فخالف إلى ما نهي عنه كما أنهم يخالفون يعني أن أساس أمر بني آدم على ذلك وعرقهم راسخ فيه { فَنَسِىَ } العهد أي النهي والأنبياء عليهم السلام يؤاخذون بالنسيان الذي لو تكلفوا لحفظوه { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } قصداً إلى الخلاف لأمره أو لم يكن آدم من أولي العزم. والوجود بمعنى العلم ومفعولاه { لَهُ عَزْماً } أو بمعنى نقيض العدم أي وعد منا له عزما و { لَهُ } متعلق بـ { نَجِدْ } { وَإِذْ قُلْنَا } منصوب بـ «اذكر» { لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ } قيل: هو السجود اللغوي الذي هو الخضوع والتذلل أو كان آدم كالقبلة لضرب تعظيم له فيه { فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إبليس كان ملكاً من جنس المستثنى منهم. وقال الحسن: الملائكة لباب الخليقة من الأرواح ولا يتناسلون وإبليس من نار السموم. وإنما صح استثناؤه منهم لأنه كان يصحبهم ويعبد الله معهم { أَبَىٰ } جملة مستأنفة كأنه جواب لمن قال لم لم يسجد، والوجه أن لا يقدر له مفعول وهو السجود المدلول عليه بقوله { فَسَجَدُواْ } وأن يكون معناه أظهر الإباء وتوقف.