الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } * { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } * { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } * { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } * { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } * { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً }

{ قَالَ } له موسى { فَٱذْهَبْ } من بيننا طريداً { فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ } ما عشت { أَن تَقُولَ } لمن أراد مخالطتك جاهلاً بحالك { لاَ مِسَاسَ } أي لا يمسني أحد ولا أمسه فمنع من مخالطة الناس منعاً كلياً وحرم عليهم ملاقاته ومكالمته ومبايعته، وإذا اتفق أن يماس أحداً حم الماس والممسوس. وكان يهيم في البرية يصيح لا مساس ويقال: إن ذلك موجود في أولاده إلى الآن. وقيل: أراد موسى عليه السلام أن يقتله فمنعه الله تعالى منه لسخائه { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ } أي لن يخلفك الله موعده الذي وعدك على الشرك والفساد في الأرض ينجزه لك في الآخرة بعدما عاقبك بذاك في الدنيا { لَّن تُخْلَفَهُ } مكي وأبو عمر وهذا من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفاً { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ } وأصله ظللت فحذف اللام الأولى تخفيفاً { عَاكِفاً } مقيماً { لَّنُحَرّقَنَّهُ } بالنار { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ } لنذرينه { فِى ٱلْيَمّ نَسْفاً } فحرقه وذراه في البحر فشرب بعضهم من مائة حباً له فظهرت على شفاههم صفرة الذهب. { إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْء عِلْماً } تمييز أي وسع علمه كل شيء.

ومحل الكاف في { كَذٰلِكَ } نصب أي مثل ما اقتصصنا عليك قصة موسى وفرعون { نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ } من أخبار الأمم الماضية تكثيراً لبيناتك وزيادة في معجزاتك { وَقَدْ آتَيْنَـٰكَ } أي أعطيناك { مّن لَّدُنَّـا } من عندنا { ذِكْراً } قرآناً فهو ذكر عظيم وقرآن كريم فيه النجاة لمن أقبل عليه، وهو مشتمل على الأقاصيص والأخبار الحقيقة بالتفكر والاعتبار { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ } عن هذا الذكر وهو القرآن ولم يؤمن به { فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وِزْراً } عقوبة ثقيلة سماها وزراً تشبيهاً في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الثقيل الذي ينقض ظهره ويلقى عليه بهره، أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم { خَـٰلِدِينَ } حال من الضمير في { يَحْمِلُ } وإنما جمع على المعنى ووحد في { فَإِنَّهُ } حملاً على لفظ من { فِيهِ } في الوزر أي في جزاء الوزر وهو العذاب { وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ حِمْلاً } ساء في حكم بئس وفيه مبهم يفسره { حِمْلاً } وهو تمييز واللام في { لَهُمْ } للبيان كما فيهَيْتَ لَكَ } [يوسف: 23] والمخصوص بالذم محذوف لدلالة الوزر السابق عليه تقديره ساء الحمل حملاً وزرهم.

{ يَوْمَ يُنفَخُ } بدل من { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ، { ننفخ } أبو عمرو { فِى ٱلصُّورِ } القرن أو هو جمع صورة أي ننفخ الأرواح فيها دليله قراءة قتادة الصور بفتح الوّاو جمع صورة { وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } حال أي عمياً كما قال

السابقالتالي
2