الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ } * { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } * { وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } * { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

والهمزة في { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ } للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم. { بِٱلْبِرّ } أي سعة الخير والمعروف ومنه البر لسعته، ويتناول كل خير ومنه قولهم «صدقت وبررت». وكان الأحبار يأمرون من نصحوه في السر من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد عليه السلام ولا يتبعونه. وقيل: كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون وإذا أتوا بالصدقات ليفرقوها خانوا فيها. { وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } وتتركونها من البر كالمنسيات. { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } تبكيت أن تتلون التوراة وفيها نعت محمد عليه السلام أو فيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل. { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه وهو توبيخ عظيم. { وَٱسْتَعِينُواْ } على حوائجكم إلى الله { بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ } أي بالجمع بينهما وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة محتملين لمشاقها وما يجب فيها من إخلاص القلب ودفع الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ومراعاة الآداب والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات والأرض، أو استعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعى إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع وصلى ركعتين ثم قال: " واستعينوا بالصبر والصلاة " وقيل: الصبر الصوم لأنه حبس عن المفطرات ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر. وقيل: الصلاة الدعاء أي استعينوا على البلايا بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال إلى الله في دفعه. { وَإِنَّهَا } الضمير للصلاة أو للاستعانة. { لَكَبِيرَةٌ } لشاقة ثقيلة من قولك «كبر عَلَيَّ هذا الأمر» { إِلاَّ عَلَى ٱلْخَـٰشِعِينَ } لأنهم يتوقعون ما ادخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم، ألا ترى إلى قوله: { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا رَبّهِمْ } أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ويطمعون فيه. وفسر «يظنون» بـ «يتيقنون» لقراءة عبد الله «يعلمون»، أي يعلمون أنه لا بد من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك، وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب كانت عليه مشقة خالصة. والخشوع الإخبات والتطامن وأما الخضوع فاللين والانقياد. وفسر اللقاء بالرؤية وملاقو ربهم بمعاينوه بلا كيف. { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رٰجِعُونَ } لا يملك أمرهم في الآخرة أحد سواه.

{ خَـٰلِدُونَ يَـٰبَنِي إِسْرٰءيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } التكرير للتأكيد { وَأَنّي فَضَّلْتُكُمْ } نصب عطف على «نعمتي» أي اذكروا نعمتي وتفضيلي. { عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } على الجم الغفير من الناس يقال «رأيت عالماً من الناس» والمراد الكثرة. { وَٱتَّقُواْ يَوْمًا } أي يوم القيامة وهو مفعول به لا ظرف. { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ } مؤمنة.

السابقالتالي
2 3