الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } * { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ }

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا أُولَـٰئِكَ } مبتدأ والخبر { أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } أي أهلها ومستحقوها. والجملة في موضع الرفع خبر المبتدأ أعني والذين { هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } { يا بَنِي إِسْرٰءِيلَ } هو يعقوب عليه السلام وهو لقب له ومعناه في لسانهم صفوة الله أو عبد الله. فإسرا هو العبد أو الصفوة، وإيل هو الله بالعبرية، وهو غير منصرف لوجود العلمية والعجمة. { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } ذكرهم النعمة أن لا يخلوا بشكرها ويطيعوا مانحها. وأراد بها ما أنعم به على آبائهم مما عدد عليهم من الإنجاء من فرعون وعذابه ومن الغرق ومن العفو عن اتخاذ العجل والتوبة عليهم، وما أنعم به عليهم من إدراك زمن محمد صلى الله عليه وسلم المبشر به في التوراة والإنجيل. { وَأَوْفُوا } أدوا وافياً تاماً، يقال وفيت له بالعهد فأنا وافٍ به وأوفيت له بالعهد فأنا موف به، والاختيار أوفيت، وعليه نزل التنزيل. { بِعَهْدِي } بما عاهدتموني عليه من الإيمان بي والطاعة لي، أو من الإيمان بنبي الرحمة والكتاب المعجز. { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على حسناتكم. والعهد يضاف إلى المعاهِد والمعاهَد جميعاً. وعن قتادة: هما لئن أقمتمولأكفرن } وقال أهل الإشارة: أوفوا في دار محنتي، على بساط خدمتي، بحفظ حرمتي، أوف في دار نعمتي، على بساط كرامتي، بسرور رؤيتي. { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } فلا تنقضوا عهدي وهو من قولك «زيدا رهبته» وهو أوكد في إفادة الاختصاص منإِيَّاكَ نَعْبُدُ } [الفاتحة: 4] «وإيّايَ» منصوب بفعل مضمر دل عليه ما بعده وتقديره فارهبوا إياي فارهبون، وحذف الأول لأن الثاني يدل عليه. وإنما لم ينتصب بقوله «فارهبون» لأنه أخذ مفعوله وهو الياء المحذوفة وكسرة النون دليل الياء كما لا يجوز نصب زيد في «زيدا فاضربه» بـ «اضرب» الذي هو ظاهر.

{ وَءَامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ } يعني القرآن { مُصَدِّقاً } حال مؤكدة من الهاء المحذوفة كأنه قيل أنزلته مصدقاً { لِّمَا مَعَكُمْ } من التوراة يعني في العبادة والتوحيد والنبوة وأمر محمد عليه السلام { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي أول من كفر به أو أول حزب أو فوج كافر به، أو ولا يكن كل واحد منكم أول كافر به. وهذا تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته، والضمير في به يعود إلى القرآن. { وَلاَ تَشْتَرُواْ } ولا تستبدلوا. { بِآيَـٰتِي } بتغييرها وتحريفها. { ثَمَناً قَلِيلاً } قال الحسن: هو الدنيا بحذافيرها. وقيل: هو الرياسة التي كانت لهم في قومهم خافوا عليها الفوات لو اتبعوا رسول الله. { وَإِيَّـٰىَ فَٱتَّقُونِ } فخافوني «فارهبوني» «فاتقوني» بالياء في الحالين وكذلك كل ياء محذوفة في الخط: يعقوب.

السابقالتالي
2