الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } * { وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ الم } ونظائرها أسماء مسمياتها الحروف المبسوطة التي منها ركبت الكلم، فالقاف تدل على أول حروف قال، والألف تدل على أوسط حروف قال، واللام تدل على الحرف الأخير منه وكذلك ما أشبهها. والدليل على أنها أسماء أن كلاً منها يدل على معنى في نفسه ويتصرف فيها بالإمالة والتفخيم وبالتعريف والتنكير و الجمع والتصغير وهي معربة، وإنما سكنت سكون زيد وغيره من الأسماء حيث لا يمسها إعراب لفقد مقتضيه. وقيل: إنها مبنية كالأصوات نحو «غاق» في حكاية صوت الغراب، ثم الجمهور على أنها أسماء السورة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أقسم الله بهذه الحروف. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إنها اسم الله الأعظم. وقيل: إنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله. وما سميت معجمة إلا لإعجامها وإبهامها. وقيل: ورود هذه الأسماء على نمط التعديد كالإيقاظ لمن تحدى بالقران. وكالتحريك للنظر في أن هذا المتلو عليهم وقد عجزوا عنه عن آخرهم كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم ليؤديهم النظر إلى أن يستيقنوا إن لم تتساقط مقدرتهم دونه ولم يظهر عجزهم عن أن يأتوا بمثله بعد المراجعات المتطاولة وهم أمراء الكلام إلا لأنه ليس من كلام البشر وأنه كلام خالق القوى والقدر، وهذا القول من الخلافة بالقبول بمنزل. وقيل: إنما وردت السور مصدرة بذلك ليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلاً بوجه من الإغراب وتقدمة من دلائل الإعجاز، وذلك أن النطق بالحروف أنفسها كانت العرب فيه مستوية الأقدام الأميّون منهم وأهل الكتاب بخلاف النطق بأسامي الحروف فإنه كان مختصاً بمن خط وقرأ وخالط أهل الكتاب وتعلم منهم، وكان مستبعداً من الأمي التكلم بها استبعاد الخط والتلاوة، فكان حكم النطق بذلك من اشتهار أنه لم يكن ممن اقتبس شيئاً من أهله حكم الأقاصيص المذكورة في القرآن التي لم تكن قريش ومن يضاهيهم في شيء من الإحاطة بها في أن ذلك حاصل له من جهة الوحي وشاهد لصحة نبوته.

واعلم أن المذكور في الفواتح نصف أسامي حروف المعجم وهي الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم. وهي مشتملة على أنصاف أجناس الحروف، فمن المهموسة نصفها الصاد والكاف والهاء والسين والحاء، ومن المجهورة نصفها الألف واللام والميم والراء والعين والطاء والقاف والياء والنون، ومن الشديدة نصفها الألف والكاف والطاء والقاف، ومن الرخوة نصفها اللام والميم والراء والصاد والهاء والعين والسين والحاء والياء والنون، ومن المطبقة نصفها الصاد والطاء، ومن المنفتحة نصفها الألف واللام والميم والراء والكاف والهاء والعين والسين والحاء والقاف والياء والنون، ومن المستعلية نصفها القاف والصاد والطاء، ومن المنخفضة نصفها واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون، ومن حروف القلقلة نصفها القاف والطاء وغير المذكورة من هذه الأجناس مكثورة بالمذكورة منها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7