الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } * { فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } * { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } فشربها قوم وتركها آخرون، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف جماعة فشربوا وسكروا فأم بعضهم فقرأ «قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون» فنزللاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } [النساء: 43] فقل من يشربها، ثم دعا عتبان بن مالك جماعة فلما سكروا منها تخاصموا وتضاربوا فقال عمر: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } إلى قولهفَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [المائدة: 91] فقال عمر: انتهينا يا رب. وعن علي رضي الله عنه: لو وقعت قطرة في بئر فبنيت مكانها منارة لم أؤذن عليها، ولو وقعت في بحر ثم جف ونبت فيه الكلأ لم أرعه. والخمر ما غلى واشتد وقذف بالزبد من عصير العنب، وسميت بمصدر خمره خمراً إذا ستره لتغطيتها العقل. والميسر القمار مصدر من يسر كالوعد من فعله يقال يسرته إذا أقمرته، واشتقاقه من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة بلا كد وتعب، أو من اليسار كأنه سلب يساره. وصفة الميسر أنه كانت لهم عشرة أقداح سبعة منها عليها خطوط وهو الفذ وله سهم، والتوأم وله سهمان، والرقيب وله ثلاثة، والحلس وله أربعة، والنافس وله خمسة، والمسبل وله ستة، والمعلى وله سبعة، وثلاثة أغفال لا نصيب لها وهي المنيح والسفيح والوغد، فيجعلون الأقداح في خريطة ويضعونها على يد عدل ثم يجلجلها ويدخل يده ويخرج باسم رجل قدحاً قدحاً منها، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح ما لا نصيب له لم يأخذ شيئاً وغرم ثمن الجزور كله، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها ويفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه، وفي حكم الميسر أنواع القمار من النرد والشطرنج وغيرهما، والمعنى يسألونك عما في تعاطيهما بدليل { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ } بسبب التخاصم والتشاتم وقول الفحش والزور «كثير»: حمزة وعلي. { وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ } بالتجارة في الخمر والتلذذ بشربها، وفي الميسر بارتقاق الفقراء أو نيل المال بلا كد { وَإِثْمُهُمَا } وعقاب الإثم في تعاطيهما { أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } لأن أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيها الآثام من وجوه كثيرة.

{ وَيَسْـئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ } أي الفضل أي أنفقوا ما فضل عن قدر الحاجة، وكان التصدق بالفضل في أول الإسلام فرضاً فإذا كان الرجل صاحب زرع أمسك قوت سنة وتصدق بالفضل، وإذا كان صانعاً أمسك قوت يومه وتصدق بالفضل فنسخت بآية الزكاة. «العفو»: أبو عمرو؛ فمن نصبه جعل «ماذا» اسماً واحداً في موضع النصب بـ « ينفقون» والتقدير: قل ينفقون العفو، ومن رفعه جعل «ما» مبتدأ وخبره «ذا» مع صلته فـ «ذا» بمعنى «الذين»و«ينفقون» صلته أي ما الذي ينفقون فجاء الجواب «العفو» أي هو العفو فإعراب الجواب كإعراب السؤال ليطابق الجواب السؤال.

السابقالتالي
2 3