الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } * { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }

{ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودٰتٍ } هي أيام التشريق وذكر الله فيها التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار { فَمَن تَعَجَّلَ } فمن عجل في النفر أو استعجل النفر. وتعجل واستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل. يقال تعجل في الأمر واستعجل ومتعديين يقال تعجل الذهاب واستعجله والمطاوعة أوفق لقوله و«من تأخر» { فِى يَوْمَيْنِ } من هذه الأيام الثلاثة فلم يمكث حتى يرمي في اليوم الثالث واكتفى برمي الجمار في يومين من هذه الأيام الثلاثة { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فلا يأثم بهذا التعجل { وَمَن تَأَخَّرَ } حتى رمى في اليوم الثالث { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ } الصيد أو الرفث والفسوق أو هو مخير في التعجل. والتأخر وإن كان التأخر أفضل فقد يقع التخيير بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار وإن كان الصوم أفضل. وقيل: كان أهل الجاهلية فريقين منهم من جعل المتعجل آثماً ومنهم من جعل المتأخر آثماً فورد القرآن بنفي المأثم عنهما { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في جميع الأمور { وَٱعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } حين يبعثكم من القبور. كان الأخنس بن شريق حلو المنطق إذا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألان له القول وادعى أنه يحبه وأنه مسلم وقال يعلم الله أني صادق فنزل فيه.

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ } يروقك ويعظم في قلبك ومنه الشيء العجيب الذي يعظم في النفس { فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } «في» يتعلق بالقول أي يعجبك ما يقول في معنى الدنيا لأنه يطلب بادعاء المحبة حظ الدنيا ولا يريد به الآخرة، أو بـ «يعجبك» أي يعجبك حلو كلامه في الدنيا لا في الآخرة لما يرهقه في الموقف من الحبسة واللكنة { وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ } أي يحلف ويقول الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام { وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } شديد الجدال والعداوة للمسلمين، والخصام والمخاصمة والإضافة بمعنى في لأن «أفعل» يضاف إلى ما هو بعضه تقول: زيد أفضل القوم ولا يكون الشخص بعض الحدث فتقديره ألد في الخصومة، أو الخصام جمع خصم كصعب وصعاب والتقدير: وهو أشد الخصوم خصومة. { وَإِذَا تَوَلَّىٰ } عنك وذهب بعد إلانة القول وإحلاء المنطق { سَعَىٰ فِى ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ } كما فعل بثقيف فإنه كان بينه وبينهم خصومة فبيتهم ليلاً وأهلك مواشيهم وأحرق زروعهم { فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ } أي الزرع والحيوان، أو إذا كان والياً فعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد في الأرض بإهلاك الحرث والنسل. وقيل: يظهر الظلم حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر فيهلك الخرث والنسل. { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ } للأخنس { ٱتَّقِ ٱللَّهَ } في الإفساد والإهلاك { أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإثْمِ } حملته النخوة وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهى عنه وألزمته ارتكابه، أو الباء للسبب أي أخذته العزة من أجل الإثم الذي في قلبه وهو الكفر { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ } أي كافيه { وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } أي الفراش جهنم.

السابقالتالي
2 3 4