الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَٰوةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } * { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } * { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ } أي ليس البر توليتكم { وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } والخطاب لأهل الكتاب لأن قبلة النصارى مشرق بيت المقدس، وقبلة اليهود مغربه، وكل واحد من الفريقين يزعم أن البر التوجه إلى قبلته، فرد عليهم بأن البر ليس فيما أنتم عليه فإنه منسوخ { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ } بر { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ } أو ذا البر من آمن والقولان على حذف المضاف والأول أجود. والبر اسم للخير ولكل فعل مرضي. وقيل: كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة فقيل: ليس البر العظيم الذي يجب أن تذهلوا بشأنه عن سائر صنوف البر أمر القبلة، ولكن البر الذي يجب الاهتمام به بر من آمن وقام بهذه الأعمال. «ليس البر» بالنصب على أنه خبر «ليس» واسمه «أن تولوا»: حمزة وحفص. «ولكن البر»: نافع وشامي. وعن المبرد: لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت «ولكن البر» وقرىء «ولكن البار». { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي يوم البعث { وَٱلْمَلَـٰئِكَةِ وَٱلْكِتَـٰبِ } أي جنس كتب الله أو القرآن { وَٱلنَّبِيِّينَ وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } أي على حب الله أو حب المال أو حب الإيتاء يريد أن يعطيه وهو طيب النفس بإعطائه { ذَوِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي القرابة وقدمهم لأنهم أحق. قال عليه الصلاة والسلام: " صدقتك على المسكين صدقة وعلى ذوي رحمك صدقة وصلة ". { وَٱلْيَتَـٰمَىٰ } والمراد الفقراء من ذوي القربى واليتامى، وإنما أطلق لعدم الإلباس. { وَٱلْمَسَـٰكِينُ } المسكين الدائم السكون إلى الناس لأنه لا شيء له كالسكير للدائم السكر { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } المسافر المنقطع وهو جنس وإن كان مفرداً لفظاً، وجعل ابناً للسبيل لملازمته له أو الضيف { وَٱلسَّائِلِينَ } المستطعمين { وَفِي ٱلرّقَابِ } وفي معاونة المكاتبين حتى يفكوا رقابهم أو في الأسارى { وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ } المكتوبة { وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ } المفروضة. قيل: هو تأكيد للأول. وقيل: المراد بالأول نوافل الصدقات والمبار. { وَٱلْمُوفُونَ } عطف على من آمن { بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَـٰهَدُواْ } الله والناس { وَٱلصَّـٰبِرِينَ } نصب على المدح والاختصاص إظهاراً لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال. { فِى ٱلْبَأْسَاءِ } الفقر والشدة { وَٱلضَّرَّاءِ } المرض والزمانة { وَحِينَ ٱلْبَأْسِ } وقت القتال { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا } أي أهل هذه الصفة هم الذين صدقوا في الدين { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }. روي أنه كان بين حيين من أحياء العرب دماء في الجاهلية وكان لأحدهما طول على الآخر فأقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد والذكر بالأنثى والاثنين بالواحد فتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء الله بالإسلام فنزل. { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ } أي فرض { عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ } وهو عبارة عن المساواة وأصله من قص أثره واقتصه إذا اتبعه ومنه القاص لأنه يتبع الآثار والأخبار { فِي ٱلْقَتْلَى } جمع قتيل.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7