الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }

ومن النّاس أي ومع هذا البرهان النير من الناس { من يتّخذ من دون اللّه أنداداً } أمثالاً من الأصنام { يُحِبُّونَهُمْ } يعظمونهم ويخضعون لهم تعظيم المحبوب { كَحُبّ ٱللَّهِ } كتعظيم الله والخضوع له أي يحبون الأصنام كما يحبون الله يعني يسوون بينهم وبينه في محبتهم لأنهم كانوا يقرون بالله ويتقربون إليه. وقيل: يحبونهم كحب المؤمنين الله { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ } من المشركين لآلهتهم لأنهم لا يعدلون عنه إلى غيره بحال، والمشركون يعدلون عن أندادهم إلى الله عند الشدائد فيفزعون إليه ويخضعون { وَلَوْ يَرَى } «ترى»: نافع وشامي على خطاب الرسول أو كل مخاطب، أي ولو ترى ذلك لرأيت أمراً عظيماً { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } إشارة إلى متخذي الأنداد { إِذْ يَرَوْنَ } «يرون»: شامي { ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } حال { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } شديد عذابه أي ولو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم أن القدرة كلها لله تعالى على كل شيء من الثواب والعقاب دون أندادهم، ويعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة، فحذف الجواب لأن «لو» إذا جاء فيما يشوق إليه أو يخوف منه قلما يوصل بجواب ليذهب القلب فيه كل مذهب. و «لو» يليها الماضي. وكذا «إذا» وضعها لتدل على الماضي، وإنما دخلتا على المستقبل هنا لأن إخبار الله تعالى عن المستقبل باعتبار صدقه كالماضي { إِذْ تَبَرَّأَ } مدغمة الذال في التاء حيث وقعت: عراقي غير عاصم. وهو بدل من «إذ يرون العذاب». { ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ } أي المتبعون وهم الرؤساء { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } من الأتباع { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } الواو فيه للحال أي تبرأوا في حال رؤيتهم العذاب { وَتَقَطَّعَتْ } عطف على «تبرأ» { بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد ومن الأنساب والمحاب.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } أي الاتباع { لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } رجـعة إلى الدنيا { فَنَتَبَرَّأَ } نصب على جواب التمني لأن لو في معنى التمني والمعنى ليت لنا كرة فنتبرأ { مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } الآن { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الإراء الفظيع { يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَـٰلَهُمْ } أي عبادتهم الأوثان { حَسَرٰتٍ عَلَيْهِمْ } ندامات. وهي مفعول ثالث لـ «يريهم» ومعناه أن أعمالهم تنقلب عليهم حسرات فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم. { وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } بل هم فيها دائمون. ونزل فيمن حرموا على أنفسهم البحائر ونحوها. { يـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ } أمر إباحة { مِمَّا فِى ٱلأَرْضِ } «من» للتبعيض لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول { حَلَـٰلاً } مفعول «كلوا» أو حال مما في الأرض { طَيِّباً } طاهراً من كل شبهة { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } طرقه التي يدعوكم إليها بسكون الطاء: أبو عمر غير عباس ونافع وحمزة وأبو بكر.

السابقالتالي
2 3