الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } * { يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } * { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } * { قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً }

{ فَأَتَتْ بِهِ } بعيسى { قَوْمَهَا } بعد ما طهرت من نفاسها { تَحْمِلُهُ } حال منها أي أقبلت نحوهم حاملة إياه فلما رأوه معها { قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } بديعاً عجيباً والفري القطع كأنه يقطع العادة { يَاأُخْتَ هَـٰرُونَ } وكان أخاها من أبيها ومن أفضل بني إسرائيل، أو هو أخو موسى عليه السلام وكانت من أعقابه وبينهما ألف سنة وهذا كما يقال يا أخا همدان أي يا واحداً منهم، أو رجل صالح أو طالح من زمانها شبهوها به في الصلاح أو شتموها به { مَا كَانَ أَبُوكِ } عمران { ٱمْرَأَ سَوْء } زانياً { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ } حنة { بَغِيّاً } زانية { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } إلى عيسى أن يجيبهم وذلك أن عيسى عليه السلام قال لها: لا تحزني وأحيلي بالجواب علي. وقيل: أمرها جبريل بذلك. ولما أشارت إليه غضبوا وتعجبوا و { قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ } حدث ووجد { فِى ٱلْمَهْدِ } المعهود { صَبِيّاً } حال { قَالَ إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ } ولما أسكتت بأمر الله لسانها الناطق أنطق الله لها اللسان الساكت حتى اعترف بالعبودية وهو ابن أربعين ليلة أو ابن يوم، روي أنه أشار بسبابته وقال بصوت رفيع { إني عبد الله } وفيه رد لقول النصارى { آتَانِيَٱلْكِتَـٰبَ } الإنجيل { وَجَعَلَنِى نَبِيّاً } روي عن الحسن أنه كان في المهد نبياً وكلامه معجزته. وقيل: معناه أن ذلك سبق في قضائه أو جعل الآتي لا محالة كأنه وجد

.