الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } * { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } * { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } * { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } * { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً }

{ مَّاكِثِينَ } حال من «هم» في { لهم } { فِيهِ } في الأجر وهو الجنة { أَبَدًا وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا } ذكر المنذرين دون المنذر به بعكس الأول استغناء بتقديم ذكره.

{ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي بالولد أو باتخاذه يعني أن قولهم هذا لم يصدر عن علم ولكن عن جهل مفرط فإن قلت: إتخاذ الله ولداً في نفسه محال فكيف قيل { ما لهم به من علم } قلت: معناه ما لهم به من علم لأنه ليس مما يعلم لاستحالته وانتفاء العلم بالشيء إما للجهل بالطريق الموصل إليه، أو لأنه في نفسه محال. { وَلاَ لائَبَائِهِمْ } المقلدين { كَبُرَتْ كَلِمَةً } نصب على التمييز وفيه معنى التعجب كأنه قيل: ما أكبرها كلمة! والضمير في { كبرت } يرجع إلى قولهم { اتخذ الله ولداً } وسميت كلمة كما يسمعون القصيدة بها { تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } صفة لـ { كلمة } تفيد استعظاماً لاجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم، فإن كثيراً مما يوسوسه الشيطان في قلوب الناس من المنكرات لا يتمالكون أن يتفوهوا به بل يكظمون عليه فكيف بمثل هذا المنكر { إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا } ما يقولون ذٰلك إلا كذباً هو صفة لمصدر محذوف أي قولاً كذباً { فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } قاتل نفسك { عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِمْ } أي آثار الكفار، شبهه وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به وما تداخله من الأسف على توليهم برجل فارقه أحبته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجداً عليهم وتلهفا على فراقهم { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } بالقرآن { أَسَفاً } مفعول لهُ أي لفرط الحزن، والأسف المبالغة في الحزن والغضب { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا } أي ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } وحسن العمل الزهد فيها وترك الاغترار بها. ثم زهد في الميل إليها بقوله: