الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } * { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً }

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ } فسجود تحية أو سجود انقياد { فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ } وهو مستأنف كأن قائلاً قال: ما له لم يسجد؟ فقيل: كان من الجن { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } خرج عما أمره ربه به من السجود وهو دليل على أنه كان مأموراً بالسجود مع الملائكة { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ } الهمزة للإنكار والتعجب كأنه قيل: أعقيب ما وجد منه تتخذونه وذريته { أَوْلِيَاء مِن دُونِى } وتستبدلونهم بي؟ ومن ذريته «لا قيس» موسوس الصلاة و«الأعور» صاحب الزنا و«بتر» صاحب المصائب ومطوس صاحب الأراجيف و«داسم» يدخل ويأكل مع من لم يسم الله تعالى { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } أعداء { بِئْسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً } بئس البدل من الله إبليس لمن استبدله فأطاعه بدل طاعة الله { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ } أي إبليس وذريته { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ } يعني أنكم اتخذتموهم شركاء لي في العبادة وإنما يكونون شركاء فيها لو كانوا شركاء في الإلٰهية فنفى مشاركتهم الإلٰهية بقوله { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض } لأعتضد بهم في خلقها أو أشاورهم فيه أي تفردت بخلق الأشياء فأفردوني في العبادة { وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ } أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله:ولا تقتلوا أنفسكم } [النساء: 29] { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلّينَ } أي وما كنت متخذهم { عَضُداً } أي أعواناً فوضع { المضلين } موضع الضمير ذمًّا لهم بالإضلال، فإذا لم يكونوا عضداً لي في الخلق فمالكم تتخذونهم شركاء لي في العبادة؟