الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } * { قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً }

{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم { ٱلْكِتَـٰبِ } القرآن، لقن الله عباده ووفقهم كيف يثنون عليه ويحمدونه على أجزل نعمائه عليهم وهي نعمة الإسلام، وما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } أي شيئاً من العرج والعوج في المعاني كالعوج في الأعيان، يقال في رأيه عوج وفي عصاه عوج، والمراد نفي الاختلاف والتناقض عن معانيه وخروج شيء منه من الحكمة { قَيِّماً } مستقيماً وانتصابه بمضمر وتقديره، جعله قيماً لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة، وفائدة الجمع بين نفي العوج وإثبات الاستقامة ـ وفي أحدهما غنى عن الآخر ـ التأكيد، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ولا يخلو من أدنى عوج عند التصفح، أو قيماً على سائر الكتب مصدقا لها شاهداً بصحتها { لّيُنذِرَ } «أنذر» متعدٍ إلى مفعولين كقوله:إِنَّا أَنذَرْنَـٰكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } [النبأ: 40] فاقتصر على أحدهما، وأصله لينذر الذين كفروا { بَأْسًا } عذاباً { شَدِيداً } وإنما اقتصر على أحد مفعولي «أنذر» لأن المنذر به هو المسوق إليه فاقتصر عليه { مِن لَّدُنْهُ } صادراً من عنده { وَيُبَشّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ } أي بأن لهم { أَجْرًا حَسَنًا } أي الجنة، { ويبشر } حمزة وعليَّ.