الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ }

{ وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ } وبكسر الألف وفتح الميم: عليّ اتباعاً لكسرة النون وبكسرهما: حمزة، والهاء مزيدة في أمهات للتوكيد كما زيدت في «أراق» فقيل «أهراق» وشذت زيادتها في الواحدة { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } حال أي غير عالمين شيئاً من حق المنعم الذي خلقكم في البطون { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي وما ركب فيكم هذه الأشياء إلا آلات لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه، واجتلاب العلم والعمل به من شكر المنعم وعبادته والقيام بحقوقه. والأفئدة في فؤاد كالأغربة في غراب وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة لعدم السماع في غيرها { أَلَمْ يَرَوْاْ } وبالتاء: شامي وحمزة { إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرٰتٍ } مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك { فِى جَوِّ ٱلسَّمَآءِ } هو الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلو { مَا يُمْسِكُهُنَّ } في قبضهن وبسطهن ووقوفهن { إِلاَّ ٱللَّهُ } بقدرته، وفيه نفي لما يصوره الوهم من خاصية القوى الطبيعية { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بأن الخلق لا غنى به عن الخالق { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } هو فعل بمعنى مفعول أي ما يسكن إليه وينقطع إليه من بيت أو إلف { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَـٰمِ بُيُوتًا } هي قباب الأدم { تَسْتَخِفُّونَهَا } ترونها خفيفة المحمل في الضرب والنقض والنقل { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } بسكون العين: كوفي وشامي، وبفتح العين: غيرهم. والظعن بفتح العين وسكونها الارتحال { وَيَوْمَ إِقَـٰمَتِكُمْ } قراركم في منازلكم، والمعنى أنها خفيفة عليكم في أوقات السفر والحضر على أن اليوم بمعنى الوقت { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } أي أصواف الضأن { وَأَوْبَارِهَا } وأوبار الإبل { وَأَشْعَارِهَآ } وأشعار المعز { أَثَاثاً } متاع البيت { وَمَتَـٰعاً } وشيئاً ينتفع به { إِلَىٰ حِينٍ } مدة من الزمان