الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }

{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّـٰكُمْ } بقبض أرواحكم من أبدانكم { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } إلى أخسه وأحقره وهو خمس وسبعون سنة أو ثمانون أو تسعون { لِكَىْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } لينسى ما يعلم أو لئلا يعلم زيادة علم على علمه { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ } بحكم التحويل إلى الأرذل من الأكمل أو إلى الإفناء من الإحياء { قَدِيرٌ } على تبديل ما يشاء كما يشاء من الأشياء { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْرِّزْقِ } أي جعلكم متفاوتين في الرزق فرزقكم أفضل مما رزق مماليككم وهم بشر مثلكم { فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ } في الرزق يعني الملاك { بِرَآدِّي } بمعطي { رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } فكان ينبغي أن تردوا فضل ما رزقتموه عليهم حتى تتساووا في الملبس والمطعم { فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } جملة اسمية وقعت في موضع جملة فعلية في موضع النصب لأنه جواب النفي بالفاء وتقديره: فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فيستووا مع عبيدهم في الرزق، وهو مثل ضربه الله للذين جعلوا له شركاء فقال لهم: أنتم لا تسوون بينكم وبين عبيدكم فيما أنعمت به عليكم، ولا تجعلونهم فيه شركاء، ولا ترضون ذلك لأنفسكم، فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيدي لي شركاء؟ { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } وبالتاء: أبو بكر، فجعل ذلك من جملة جحود النعمة.