الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّاً } هو السمك، ووصفه بالطراوة لأن الفساد، يسرع إليه فيؤكل سريعاً طرياً خيفة الفساد وإنما لا يحنث بأكله إذا حلف لا يأكل لحماً لأن مبني الإيمان على العرف. ومن قال لغلامه: اشتر بهذه الدراهم لحماً، فجاء بالسمك كان حقيقاً بالإنكار { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً } هي اللؤلؤ والمرجان { تَلْبَسُونَهَا } المراد بلبسهم لبس نسائهم ولكنهن إنما يتزين بها من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم. { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ } جواري تجري جرياً وتشق الماء شقاً والمخرشق الماء بحيزومها { فِيهِ } في البحر { وَلِتَبْتَغوُا مِن فَضْلِهِ } هو عطف على محذوف أي لتعتبروا ولتبتغوا وابتغاء الفضل التجارة { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله على ما أنعم عليكم به { وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ } جبالاً ثوابت { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } كراهية أن تميل بكم وتضطرب أو لئلا تميد بكم لكن حذف المضاف أكثر. قيل: خلق الله الأرض فجعلت تميد فقالت الملائكة: ما هي بمقر أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت { وَأَنْهَـٰراً } وجعل فيها أنهاراً لأن ألقى فيه معنى جعل { وَسُبُلاً } طرقاً { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } إلى مقاصدكم أو إلى توحيد ربكم { وَعَلامَـٰتٍ } هي معالم الطرق وكل ما يستدل به السابلة من جبل وغير ذلك { وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } المراد بالنجم الجنس أو هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدى. فإن قلت: { وبالنجم هم يهتدون } مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه النجم مقحم فيه هم كأنه قيل: وبالنجم خصوصاً هؤلاء خصوصاً يهتدون فمن المراد بهم؟ قلت: كأنه أراد قريشاً فلهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم ولهم بذلك علم لم يكن مثله لغيرهم، فكان الشكر أوجب عليهم والاعتبار ألزم لهم فخصصوا