الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } * { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }

{ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } تعطي ثمرها كل وقت وقتها الله لإثمارها { بِإِذْنِ رَبّهَا } بتيسير خالقها وتكوينه { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } لأن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني.

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } هي كلمة الكفر { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هي كل شجرة لا يطيب ثمرها وفي الحديث: أنها شجرة الحنظل { ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } استؤصلت جثتها وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلها وهو في مقابلة { أصلها ثابت } { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي استقرار يقال قر الشيء قراراً كقولك ثبت ثبوتاً، شبه بها القول الذي لا يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي يديمهم عليه { بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } هو قول «لا إلٰه إلا الله محمد رسول الله» { في الحياة الدنيا } حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك { وَفِي ٱلآخِرَةِ } الجمهور على أن المراد به في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب، فعن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال: " ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } ثم يقول الملكان: عشت سعيداً ومت حميداً نم نومة العروس " { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } فلا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخرة أضل وأزل { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَاء } فلا اعتراض عليه في تثبيت المؤمنين وإضلال الظالمين