الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ } بسطها { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } جبالاً ثوابت { وَأَنْهَـٰراً } جارية { وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } أي الأسود والأبيض والحلو والحامض والصغير والكبير وما أشبه ذلك { يُغْشِي الَّيلَ النَّهارَ } يلبسه مكانه فيصير أسود مظلماً بعد ما كان أبيض منيراً. يغشِّي حمزة وعلي وأبو بكر { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيعلمون أن لها صانعاً عليماً حكيماً قادراً { وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَـٰوِرٰتٌ } بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة وكريمة إلى زهيدة وصلبة إلى رخوة وذلك دليل على قادر مدبر مريد موقع لأفعاله على وجه دون وجه { وَجَنَّـٰتٌ } معطوفة على قطع { مِّنْ أَعْنَـٰبٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوٰنٌ وَغَيْرُ صِنْوٰنٍ } بالرفع مكي وبصري وحفص عطف على { قطع } غيرهم بالجر بالعطف على { أعناب } ، والصنوان جمع صنو وهي النخلة لها رأسان وأصلها واحد وعن حفص بضم الصاد وهما لغتان { يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وٰحِدٍ } وبالياء عاصم وشامي { وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ } وبالياء حمزة وعلي { فِي ٱلأُكُلِ } في الثمر. وبسكون الكاف نافع ومكي { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } عن الحسن مثل اختلاف القلوب في آثارها وأنوارها وأسرارها باختلاف القطع في أنهارها وأزهارها وثمارها { وَإِن تَعْجَبْ } يا محمد من قولهم في إنكار البعث { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } خبر ومبتدأ أي فقولهم حقيق بأن يتعجب منه لأن من قدر على إنشاء ما عدد عليك كان الإعادة أهون شيء عليه وأيسره فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب { أءِذا كنا تراباً أءِنا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } في محل الرفع بدل من { قولهم }. قرأ عاصم وحمزة كل واحد بهمزتين { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } أولئك الكافرون المتمادون في كفرهم { وَأُوْلَٰئِكَ ٱلأَغْلَـٰلُ فِي أَعْنَـٰقِهِمْ } وصف لهم بالإصرار أو من جملة الوعيد { وَأُوْلٰـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } دل تكرار أولئك على تعظيم الأمر.