الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } * { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ }

{ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } من الأَرحام والقرابات ويدخل فيه وصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمانإنما المؤمنون إخوة } بالإحسان إليهم على حسب الطاقة ونصرتهم والذب عنهم والشفقة عليهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم ومنه مراعاة حق الأَصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } أي وعيده كله { وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } مطلق فيهما يصير عليه من المصائب في النفوس والأَموال ومشاق التكاليف { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبّهِمْ } لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل وأوقره عند الزلازل ولا لئلا يعاب في الجزع { وأقاموا الصلاة } داوموا على إقامتها { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي من الحلال وإن كان الحرام رزقاً عندنا { سِرّا وَعَلاَنِيَةً } يتناول النوافل لأَنها في السر أفضل والفرائض لأَن المجاهرة بها أفضل نفياً للتهمة { وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ } ويدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرهم أو إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا وإذا قطعوا وصلوا وإذا أذنبوا تابوا وإذا هربوا أنابوا وإذا رأوا منكراً أمروا بتغييره فهذه ثمانية أعمال تشير إلى ثمانية أبواب الجنة { أُوْلَٰـئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } عاقبة الدنيا وهي الجنة لأَنها التي أرادها الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها.

{ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } بدل من عقبى الدار { يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ } أي آمن { مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوٰجِهِمْ وَذُرّيَّـٰتِهِمْ } وقرىء صلُح والفتح أفصح و { من } في محل الرفع بالعطف على الضمير في { يدخلونها } وساغ ذلك وإن لم يؤكد لأَن ضمير المفعول صار فاصلاً وأجاز الزجاج أن يكون مفعولاً معه ووصفهم بالصلاح ليعلم أن الأَنساب لا تنفع بنفسها والمراد أبو كل واحد منهم فكأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم { وَالمَلَـٰئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلِّ بَابٍ } في قدر كل يوم وليلة ثلاث مرات بالهدايا وبشارات الرضا