الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

{ قَالُواْ يا شُعَيْبٌ أَصَلَوٰتُكَ } وبالتوحيد. كوفي غير أبي بكر { تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أمْوَٰلِنَا مَا نَشَٰؤُاْ } كان شعيب عليه السلام كثير الصلوات وكان قومه يقولون له ما تستفيد بهذا؟ فكان يقول: إنها تأمر بالمحاسن وتنهى عن القبائح. فقالوا على وجه الاستهزاء أصلواتك تأمرك أن تأمرنا بترك عبادة ما كان يعبد آباؤنا، أو أن نترك التبسط في أموالنا ما نشاء من إيفاء ونقص. وجاز أن تكون الصلوات آمرة مجازاً كما سماها الله تعالى ناهية مجازاً { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } أي السفية الضال وهذه تسمية على القلب استهزاء، أو إنك حليم رشيد عندنا ولست تفعل بنا ما يقتضيه حالك { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَءيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى وَرَزَقَنِى مِنْهُ } من لدنه { رِزْقًا حَسَنًا } يعني النبوة والرسالة أو مالاً حلالاً من غير بخس وتطفيف. وجواب أرأيتم محذوف أي أخبروني إن كنت على حجة واضحة من ربي وكنت نبياً على الحقيقة، أيصح لي أن لا آمركم بترك عبادة الأوثان والكف عن المعاصي، والأنبياء لا يبعثون إلا لذلك؟ يقال: خالفني فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مول عنه وخالفني عنه إذا ولى عنه وأنت قاصده. ويلقاك الرجل صادراً عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول: خالفني إلى الماء يريد، أنه قد ذهب إليه وارداً وأنا ذاهب عنه صادراً، ومنه قوله: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَلِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } يعني أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستبد بها دونكم { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلَـٰحَ } ما أريد إلا أن أصلحكم بموعظتي ونصيحتي وأمري بالمعروف ونهي عن المنكر { مَا ٱسْتَطَعْتُ } ظرف أي مدة استطاعتي للإصلاح وما دمت متمكناً منه لا آلو فيه جهداً { وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِٱللَّهِ } وما كوني موفقاً لإصابة الحق فيما آتى وآذر إلا بمعونته وتأييده { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } اعتمدت { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أرجع في السراء والضرآء. «جرم» مثل «كسب» في تعديه إلى مفعول واحد وإلى مفعولين ومنه قوله: