الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } * { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } * { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }

{ وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا } جبريل وميكائيل وإسرافيل أو جبريل مع أحد عشر ملكاً { إِبْرٰهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ } هي البشارة بالولد أو بهلاك قوم لوط والأول أظهر { قَالُواْ سَلاَماً } سلمنا عليك سلاماً { قَالَ سَلَـٰمٌ } أمركم سلام { سِلم } حمزة وعلي بمعنى السلام { فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ } فما لبث في المجيء به بل عجل فيه، أو فما لبث مجيئه، والعجل ولد البقرة: وكان مال إبراهيم البقر { حَنِيئذٍ } مشوي بالحجارة المحماة { فَلَمَّا رَءا أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ } نكر وأنكر بمعنى وكانت عادتهم أنه إذا مس من يطرقهم طعامهم أمنوه وإلا خافوه. والظاهرة أنه أحس بأنهم ملائكة ونكرهم لأنه تخوف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله عليه أو لتعذيب قومه دليله قوله { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أي أضمر منم خوفاً { قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } بالعذاب، وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف فيم أرسلوا، وإنما قالوا { لا تخف } لأنهم رأوا أثر الخوف والتغير في وجهه { وَٱمْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ } وراء الستر تسمع تحاورهم أو على رؤوسهم تخدمهم { فَضَحِكَتْ } سروراً بزوال الخيفة أو بهلاك أهل الخبائث، أو من غفلة قوم لوط مع قرب العذاب، أو فحاضت { فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ } وخصت بالبشارة لأن النساء أعظم سروراً بالولد من الرجال، ولأنه لم يكن لها ولد وكان لإبراهيم ولد وهو إسماعيل { وَمِن وَرَاء إِسْحَـٰقَ } ومن بعده { يَعْقُوبَ } بالنصب: شامي وحمزة وحفص، بفعل مضمر دل عليه فبشرناها أي فبشرناها بإسحاق ووهبنا لها يعقوب من وراء إسحاق. وبالرفع: غيرهم على الابتداء والظرف قبله خبر كما تقول «في الدار زيد».

{ قَالَتْ يٰوَيلَتَٰى } الألف مبدلة من ياء الإضافة وقرأ الحسن يا ويلتي بالياء على الأصل { ءأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ } ابنة تسعين سنة { وَهَـٰذَا بَعْلِى شَيْخًا } ابن مائة وعشرين سنة، { هذا } مبتدأ و { بعلي } خبره و { شيخا } ً حال، والعامل معنى الإشارة التي دلت عليه ذا أو معنى التنبيه الذي دل عليه «هذا» { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء عَجِيبٌ } أن يولد ولد من هرمين وهو استبعاد من حيث العادة.