الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ }

{ وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ } متصل بمحذوف دل عليه { اركبوا فيها بسم الله } كأنه قيل: فركبوا فيها يقولون بسم الله وهي تجري بهم أي السفينة تجري وهم فيها { فِى مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ } يريد موج الطوفان وهو جمع موجة كتمر وتمرة وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه بدخول الرياح الشديدة في خلاله، شبه كل موجة منه بالجبل في تراكمها وارتفاعها { وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ } كنعان. وقيل: يام. والجمهور على أنه ابنه الصلبي. وقيل: كان ابن امرأته { وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ } عن أبيه السفينة «مفعل» من عزله عنه إذ نجاه وأبعده أو في معزل عن دين أبيه { يَـٰبُنيَّى } بفتح الياء: عاصم، اقتصاراً عليه من الألف المبدلة من ياء الإضافة من قولك «يا بنيا». غيره بكسر الياء اقتصاراً عليه من ياء الإضافة { ٱرْكَبَ مَّعَنَا } في السفينة أي أسلم واركب { وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَـٰفِرِينَ * قَالَ سَاوِى } ألجأ { إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ ٱلْمَاء } يمنعني من الغرق { قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } إلا الراحم وهو الله تعالى، أو لا عاصم اليوم من الطوفان إلا من رحم الله أي إلا مكان من رحم الله من المؤمنين، وذلك أنه لما جعل الجبل عاصماً من الماء قال له لا يعصمك اليوم معتصم قط من جبل ونحوه سوى معتصم واحد وهو مكان من رحم الله ونجاهم يعني السفينة، أو هو استثناء منقطع كأنه قيل: ولكن من رحمه الله فهو المعصوم كقولهمالهم به من علم إلا اتباع الظن } [النساء: 157] { وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ } بين ابنه والجبل أو بين نوح وابنه { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } فصار أو فكان في علم الله