الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ } * { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

{ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَاء } أي ليس الإتيان بالعذاب إليّ وإنما هو إلى من كفرتم به { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } أي لم تقدروا على الهرب منه { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى } هو إعلام موضع الغي ليتقي والرشد ليقتفي { ولكني } { إني } { نصحَي } مدني وأبو عمرو { إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } أي يضلكم وهذا شرط دخل على شرط فيكون الثاني مقدماً في الحكم لما عرف. تقديره: إن كان الله يريد أن يغويكم لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم، وهو دليل بين لنا في إرادة المعاصي { هُوَ رَبُّكُمْ } فيتصرف فيكم على قضية إرادته { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } فيجازيكم على أعمالكم { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } بل أيقولون افتراه { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَىَّ إِجْرَامِى } أي إن صح أني افتريته فعلي عقوبة إجرامي أي افترائي يقال أجرم الرجل إذا أذنب { وَأَنَاْ بَرِىء } أي ولم يثبت ذلك وأنا بريء منه. ومعنى { مّمَّا تُجْرَمُونَ } من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي فلا وجه لإعراضكم ومعاداتكم

{ وَأُوحِىَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَم يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ }

إقناط من إيمانهم وأنه غير متوقع، وفيه دليل على أن للإيمان حكم التجدد كأنه قال: إن الذي آمن يؤمن في حادث الوقت، وعلى ذلك يخرج الزيادة التي ذكرت في الإيمان بالقرآن { فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } فلا تحزن حزن بائس مستكين والابتئاس افتعال من البؤس وهو الحزن والفقر، والمعنى فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك فقد حان وقت الانتقام من أعدائك.