الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } * { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } * { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ مَتَـٰعٌ فِى ٱلدُّنْيَا } أي افتراؤهم هذا منفعة قليلة في الدنيا حيث يقيمون به رياستهم في الكفر ومناصبة النبي صلى الله عليه وسلم بالتظاهر به { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ } المخلد

{ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } بكفرهم.

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } واقرأ عليهم { نَبَأَ نُوحٍ } خبره مع قومه والوقف عليه لازم إذ لو وصل لصار «إذ» ظرفا لقوله { واتل } بل التقدير واذكر { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } عظم وثقل كقولهوَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَـٰشِعِينَ { } [البقرة: 45] { مَّقَامِى } مكاني يعني نفسه كقولهوَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } [الرحمن: 46] أي خاف ربه، أو قيامي ومكثي بين أظهركم ألف سنة إلا خمسين عاماً، أو مقامي { وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ ٱللَّهِ } هم كانوا إذا وعظوا الجماعة قاموا على أرجلهم يعظونهم ليكون مكانهم بينًا وكلامهم مسموعاً { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي فوضت أمري إليه { فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ } من أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه { وَشُرَكَاءكُمْ } الواو بمعنى «مع» أي فأجمعوا أمركم مع شركائكم { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي غماً عليكم وهما والغم والغمة كالكرب والكربة، أو ملتبساً في خفية. والغمة السترة من غمه إذا ستره ومنه الحديث " لاغمة في فرائض الله " أي لا تستر ولكن يجاهر بها، والمعنى ولا يكن قصدكم إلى إهلاكي مستوراً عليكم ولكن مكشوفاً مشهوراً تجاهرونني به { ثُمَّ ٱقْضُواْ إِلَيَّ } ذلك الأمر الذي تريدون بي أي أدوا إلى ما هو حق عندكم من هلاكي كما يقضي الرجل غريمه، أو اصنعوا ما أمكنكم { وَلاَ تُنظِرُونَ } ولا تمهلوني { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } فإن أعرضتم عن تذكيري ونصحي { فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ } فأوجب التولي، أو فما سألتكم من أجر ففاتني ذلك بتوليكم { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } وهو الثواب الذي يثيبني به في الآخرة أي ما نصحتكم إلا لله لا لغرض من أغراض، الدنيا وفيه دلالة منع أخذ الأجر على تعليم القرآن والعلم الديني { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } من المستسلمين لأوامره ونواهيه { إن أجري } بالفتح: مدني وشامي وأبو عمرو وحفص.