الرئيسية - التفاسير


* تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء } بالمطر { وٱلأَرْضِ } بالنبات { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَـٰرَ } من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحد الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة، أومن يحميهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّ } أي الحيوان والفرخ والزرع، والمؤمن والعالم من النطفة، والبيضة والحب والكافر والجاهل وعكسها { وَمَن يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } ومن يلي تدبير أمر العالم كله جاء بالعموم بعد الخصوص { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } فسيجيبونك عند سؤالك إن القادر على هذه هو الله { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الشرك في العبودية إذ اعترفتم بالربوبية { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ } أي من هذه قدرته هو الله { رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } الثابت ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لمن حقق النظر { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } أي لا واسطة بين الحق والضلال، فمن تخطى الحق وقع في الضلال { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } عن الحق إلى الضلال وعن التوحيد إلى الشرك { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الحق { حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ } { كلمات } شامي ومدني، أي كما حق وثبت أن الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق فكذلك حقت كلمة ربك { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } تمردوا في كفرهم وخرجوا إلى الحد الأقصى فيه { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بدل من «الكلمة» أي حق عليهم انتفاء الإيمان، أو حق عليهم كلمة الله أن إيمانهم غير كائن، أو أراد بالكلمة العدة بالعذاب أنهم لا يؤمنون تعليل أي لأنهم لا يؤمنون