ـ قوله عزّ وجلّ { يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوَاْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } الآية اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما روى ابن إسحاق عن أبي ميسرة قال: قال عمر بن الخطاب: اللهمّ بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت الآية في البقرة{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } [البقرة: 219] فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهمّ بَيِّن لنا في الخمر بياناَ شافياً فنزلت الآية التي في سورة النساء{ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ } [النساء: 43] وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهمّ بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت التي في المائدة{ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } الآية إلى قوله{ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } فقال عمر: انتهينا انتهينا والثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقّاص وقد لاحى رجلاً على شراب فضربه الرجل بلحي جمل ففرز أنفه قاله مصعب بن سعد، والثالث: أنها نزلت في قبيلتين من الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض فأنزل الله فيهم هذه الآية قاله ابن عباس فلما حرمت الخمر قال المسلمون " يا رسول الله, كيف بأخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها فأنزل الله ـ تعالى ـ{ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ } [المائدة: 93] يعني من الخمر قبل التحريم { إِذَا مَا اتَّقَواْ } يعني في أداء الفرائض و { وءَامَنُواْ } يعني بالله ورسوله، { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } يعني البرّ والمعروف، { ثُمَّ اتَّقَواْ وَأَحْسَنُواْ } يعني بعمل النوافل فالتقوى الأول عمل الفرائض، والتقوى الثاني عمل النوافل، فأما الميسر: فهو القمار، وأما الأنصاب ففيها وجهان: أحدهما: أنها الأصنام تعبد قاله الجمهور، والثاني: أنها أحجار [حول] الكعبة يذبحون لها قاله مقاتل وأما الأزلام فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدّمناه وقوله { رِجْسٌ } يعني حراماً، وأصل الرجس: المستقذر الممنوع منه فعبّر به عن الحرام لكونه ممنوعاً منه ثم قال { مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه [لا] يأمر إلا بالمعاصي ولا ينهى إلا عن الطاعات.