الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى }..... إلى { الْمَرِيضِ } كان الأنصار يتحرجون من الأكل مع هؤلاء إذا دعوا إلى طعام ويقولون الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، والأعرج لا يقدر على الزحام عند الطعام، والمريض عن مشاركة الصحيح في الطعام، فكانوا يعزلون طعامهم، ويرون أنه أفضل من مشاركتهم فنزلت الآية رافعة للحرج في مؤاكلتهم " ع " ، أو كان الأنصار يستخلفون أهل الزَّمانة المذكورين في منازلهم إذا خرجوا للجهاد فكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص لهم أن يأكلوا من بيوت من استخلفهم، أو نزلت في سقوط الجهاد عنهم " ح " ، أو لا جناح على من دُعي منهم إلى وليمة أن يأخذ معه قائده { بُيُوتِكُمْ } أموال عيالكم وزوجاتكم لأنهم في بيته، أو أولادكم فنسبت بيوت الأولاد إليهم كقوله: " أنت ومالك لأبيك " ولذلك لم تذكر بيوت الأبناء، أو البيوت التي أنتم ساكنوها خدمة لأهلها واتصالاً بأربابها كالأهل والخدم { أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ }... إلى { خَالاتِكُمْ } أباح الأكل من بيوت هؤلاء إذا كان الطعام مبذولاً غير مُحرز، فإن مكان مُحرزاً فلا يجوز هتك الحرز، ولا يتعدى إلى غير المأكول ولا يتجاوز الأكل إلى الادخار { مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ } وكيل الرجل وقَيِّمُه في ضيعته يجوز أن يأكل مما يقوم [عليه] من ثمار الضيعة " ع " ، أو يأكل من منزل نفسه ما ادخره، أو أكله من مال عبده { صَدِيقِكُمْ } في الوليمة خاصة، أو في الوليمة وغيرها وإذا كان الطعام غير محرز، والصديق واحد يعبّر به عن الجمع، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " قد جعل الله في الصديق البار عوضاً من الرحم المذمومة " ، والصديق: من صدقك عن مودته، أو من وافق باطنه باطنك كما يوافق ظاهره ظاهرك، وما تقدم ذكره محكم لم ينسخ منه شيء، قاله قتادة: أو نسخ بوقوله ـ تعالى ـ:لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ } [الأحزاب: 53] وبقوله: " لا يحل مال أمرىء مسلم " الحديث { أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً } كان بنو كنانة في الجاهلية يرى أحدهم أنه يحرم عليه الأكل وحده حتى أن أحدهم ليسوق الذود الحُفَّل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فنزلت فيهم، أو في قوم من العرب كانوا يتحرجون إذا نزل بهم ضيف أن يتركوه يأكل وحده حتى يأكلوا معه، أو في قوم تحرجوا من الاجتماع على الأكل ورأوا ذلك دِيناً، أو في قوم مسافرين اشتركوا في أزوادهم فكان إذا تأخر أحدهم أمسك الباقون حتى يحضر فرخص لهم في الأكل جماعة وفرادى { بُيُوتاً } المساجد، أو جميع البيوت { عَلَى أَنفُسِكُمْ } إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلكم وعيالكم، أو المساجد، فسلموا على من فيها " ع " ، أو بيوت غيركم فسلموا عليهم " ح " ، أو بيوتاً فسلموا على أهل دينكم، أو بيوتاً فارغة فسلموا على أنفسكم: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو سلام علينا من ربنا تحية من الله { تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ } السلام اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ، أو التحية بالسلام أمر من أوامره، أو الرد عليه إذا سلم دعاء له عند الله، أو الملائكة ترد عليه إذا سلم فيكون ثواباً من عند الله { مُبَارَكَةً } بما فيها من الثواب الجزيل، أو لما يرجى من قبول دعاء المجيب.