الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } * { وَطُورِ سِينِينَ } * { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } * { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ }

قوله تعالى: { والتين والزيتون } فيهما سبعة أقوال.

أحدها: أنه التين المعروف، والزيتون المعروف، قاله ابن عباس، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وإبراهيم. وذكر بعض المفسرين أنه إنما أقسم بالتين لأنها فاكهة مُخَلَّصة من شائب التنغيص، وهو يدل على قدرة من هيَّأه على تلك الصفة. وجعل الواحدة منه على مقدار اللقمة، وإنما أقسم بالزيتون لكثرة الانتفاع به.

والثاني: أن التين: مسجد نوح عليه السلام الذي بنى على الجودي. والزيتون: بيت المقدس، رواه عطية عن ابن عباس.

والثالث: التين المسجد الحرام، والزيتون: المسجد الأقصى، قاله الضحاك.

والرابع: التين: مسجد دمشق، والزيتون: بيت المقدس، قاله كعب، وقتادة، وابن زيد.

والخامس: أنهما جبلان، قاله عكرمة في رواية. وروي عن قتادة قال: التين: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس.

والسادس: أن التين: مسجد أصحاب الكهف، والزيتون: مسجد إيلياء، قاله القرظي.

والسابع: أن التين: جبال ما بين حلوان إلى همذان، والزيتون: جبال بالشام، حكاه الفراء.

فأما { طور سينين } فالطور: جبل وفيه قولان.

أحدهما: أنه الجبل الذي كلم الله موسى عليه، قاله كعب الأحبار في الأكثرين.

والثاني: أنه جبل بالشام، قاله قتادة.

فأما «سينين» فهو لغة في سيناء. وقد قرأ علي، وسعد بن أبي وقاص، وأبو العالية، وأبو مجلز و«طور سَيناء» ممدودة مهموزة، مفتوحة السين. وقرأ ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو حيوة «وطورِ سيناء» مثلهم إلا أنهم كسروا السين. وقرأ أبو رجاء، والجحدري «سينين» كما في المصحف، لكنهما فتحا السين. وقال ابن الأنباري: «سينين» هو سيناء.

واختلفوا في معناه، فقيل: معناه: الحسن. وقيل: المبارك. وقيل: إنه اسم للشجر الذي حوله. وقد شرحنا هذا في سورة [المؤمنين:20] قال الزجاج: وقد قرىء هاهنا «وطور سَيْناء» وهو أشبه لقوله تعالىوشجرةً تخرج من طُورِ سيناء } [المؤمنون:20]. وقال مقاتل: كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين، وسيناء بلغة النبط.

قوله تعالى: { وهذا البلد الأمين } يعني: مكة يأمن فيه الخائف في الجاهلية، والإسلام قال الفراء: ومعنى «الأمين» الآمن. والعرب تقول للأمين: آمن.

قال الشاعر:
أَلَمْ تَعْلَمي يا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّني   حَلَفْتُ يَمِيناً لا أَخُونُ أَمِينِي
يريد آمني.

قوله تعالى: { لقد خلقنا الإنسان } هذا جواب القسم. وفي المراد بالإنسان هاهنا خمسة أقوال.

أحدها: أنه كَلدَة بن أسيد، قاله ابن عباس.

والثاني: الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.

والثالث: أبو جهل بن هشام.

والرابع: عتبة، وشيبة، حكاهما الماوردي.

والخامس: أنه اسم جنس، وهذا مذهب كثير من المفسرين، وهو معنى قول مقاتل.

قوله تعالى: { في أحسن تقويم } فيه أربعة أقوال.

أحدها: في أعدل خلق.

والثاني: منتصب القامة، رويا عن ابن عباس.

والثالث: في أحسن صورة، قاله أبو العالية.

السابقالتالي
2