الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلضُّحَىٰ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } * { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } * { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } * { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } * { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } * { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } * { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } * { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } * { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }

وفي المراد «بالضحى» أربعة أقوال.

أحدها: ضوء النهار، قاله مجاهد.

والثاني: صدر النهار، قاله قتادة.

والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحّلت الشمس، قاله السدي، ومقاتل.

والرابع: النهار كلُّه، قاله الفراء.

وفي معنى «سجى» خمسة أقوال.

أحدها: أظلم.

والثاني: ذهب، رويا عن ابن عباس.

والثالث: أقبل، قاله سعيد بن جبير.

والرابع: سكن، قاله عطاء، وعكرمة، وابن زيد. فعلى هذا: في معنى «سكن» قولان.

أحدهما: استقر ظلامه. قال الفراء: «سجى» بمعنى أظلم وركد في طوله. كما يقال: بَحْرٌ سَاجٍ: ولَيْل سَاجٍ: إذا ركد وأظلم. ومعنى: ركد: سكن. قال أبو عبيدة، يقال: ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة. قال الحادي:
يَا حَبَّذا القَمْرَاءُ والليلُ الساجْ   وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النِّساجْ
قال ابن قتيبة: «سجى» بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده.

والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره الماوردي.

والخامس: امتد ظلامه، قاله ابن الأعرابي.

قوله تعالى: { ما وَدَّعك ربك } وقرأ عمر بن الخطاب، وأنس، وعروة، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن يعقوب «مَا وَدَعَكَ» بتخفيف الدال. وهذا جواب القسم. قال أبو عبيدة: «ما وَدَّعك» من التوديع كما يودع المفارق، و «مَا وَدَعَكَ» مخففة من ودعه يدعه { وما قلى } أي: أبغض.

قوله تعالى: { وللآخرة خير لك من الأولى } قال عطاء، خير لك من الدنيا. وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا.

قوله تعالى: { ولسوف يعطيك ربك } في الآخرة من الخير { فترضى } بما تُعطَى. قال علي والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى. قال ابن عباس: عُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يُفْتَح على أُمته من بعده كَفْرَاً كَفْرَاً، فَسُر بذلك، فأنزل الله عز وجل: «وللآخرة خير لك من الأولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى».

قوله تعالى: { ألم يجدك يتيماً فآوى } فيه قولان.

أحدهما: جعل لك مأوى، إذا ضَمَّك إلى عمك أبي طالب، فكفاك المؤونة، قاله مقاتل.

والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { ووجدك ضالاً فهدى } فيه ستة أقوال.

أحدها: ضالاً عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك.

والثاني: أنه ضَلَّ وهو صبي صغير في شعاب مكة، فردَّه الله إلى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس.

والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمنَّ الله عليه بذلك، قاله سعيد بن المسيب.

والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضُلاَّل، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب.

السابقالتالي
2