الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى: { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } أي: بعضهم يوالي بعضاً، فهم يد واحدة، يأمرون بالإيمان، وينهون عن الكفر.

قوله تعالى: { في جنات عدن } قال أبو عبيدة: في جنات خُلْد، يقال: عَدَن فلان بأرض كذا، أي: أقام؛ ومنه: المْعِدنُ، وهو في مَعْدِن صدق، أي: في أصل ثابت. قال الأعشى:
وإن تَستضيفوا إلى حِلْمه   تُضافوا إلى راجح قد عَدَن
أي: رزين لا يُستخف. قال ابن عباس: جنات عدن، هي بُطنان الجنة، وبُطنانها: وسطها، وهي أعلى درجة في الجنة، وهي دار الرحمن عز وجل، وسقفها عرشه، خلقها بيده، وفيها عين التسنيم، والجنان حولها محدقة بها.

قوله تعالى: { ورضوان من الله أكبر } قال ابن عباس: أكبر مما يوصف. وقال الزجاج: أكبر مما هم فيه من النعيم.

فان قيل: لم كان الرضوان أكبر من النعيم؟ فعنه جوابان.

أحدهما: أن سرور القلب برضى الرب نعيم يختص بالقلب، وذاك أكبر من نعيم الأكل والشرب. وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل لأهل الجنة: يا أهل الجنة، هل رضيتم؟ فيقولون: ربنا ومالنا لا نرضى، وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أفلا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أُحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم أبداً ". والثاني: أن الموجِب للنعيم الرضوان، والموجَب ثمرة الموجِب، فهو الأصل.