الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } * { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { ولو أرادوا الخروج } يعني: المستأذنين له في القعود.

وفي المراد بالعُدَّة قولان.

أحدهما: النية، قاله الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: السلاح، والمركوب، وما يصلح للخروج، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والانبعاث: الانطلاق. والتثبُّط: ردُّك الإنسان عن الشيء يفعله.

قوله تعالى: { وقيل اقعدوا } في القائل لهم ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم أُلهموا ذلك خذلاناً لهم، قاله مقاتل. والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله غضباً عليهم. والثالث: أنه قول بعضهم لبعض، ذكرهما الماوردي.

وفي المراد بالقاعدين قولان.

أحدهما: أنهم القاعدون بغير عذر، قاله ابن السائب.

والثاني: أنهم القاعدون بعذر كالنساء والصبيان، ذكره علي بن عيسى.

وقال الزجاج: ثم أعلم الله عز وجل لم كره خروجهم، فقال: { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبَالاً } والخبال: الفساد وذهاب الشيء. وقال ابن قتيبة: الخبال: الشر.

فان قيل: كأن الصحابة كان فيها خبال حتى قيل: { ما زادوكم إلا خبالاً }؟ فالجواب: أنه من الاستثناء المنقطع، والمعنى: ما زادوكم قوَّة، لكن أوقعوا بينكم خبالاً. وقيل: سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج، ضرب عسكره على ثنيَّة الوداع، وخرج عبد الله بن أُبيّ، فضرب عسكره على أسفل من ذلك؛ فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلَّف ابن أُبي فيمن تخلَّف من المنافقين، فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: { ولأوضعوا خلالكم } قال الفراء: الإيضاع: السير بين القوم. وقال أبو عبيدة: لأسرعوا بينكم، وأصله من التخلل. قال الزجاج: يقال: أوضعت في السير: أسرعت.

قوله تعالى: { يبغونكم الفتنة } قال الفراء: يبغونها لكم. وفي الفتنة قولان.

أحدهما: الكفر، قاله الضحاك، ومقاتل، وابن قتيبة.

والثاني: تفريق الجماعة، وشتات الكلمة، قال الحسن: لأوضعوا خلالكم بالنميمة لإفساد ذات بينكم.

قوله تعالى: { وفيكم سمَّاعون لهم } فيه قولان.

أحدهما: عيون ينقلون إليهم أخباركم، قاله مجاهد، وابن زيد.

والثاني: مَن يسمع كلامهم ويطيعهم، قاله قتادة، وابن إسحاق.