الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله تعالى: { قل إن كان آباؤكم... } الآية في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها نزلت في الذين تخلَّفوا مع عيالهم بمكة ولم يهاجروا، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أن علي بن أبي طالب قدم مكة، فقال لقوم: ألا تهاجرون؟ فقالوا: نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا، فنزلت هذه الآية، قاله ابن سيرين.

والثالث: أنه لما نزلت الآية التي قبلها، قالوا: يا رسول الله، إن نحن اعتزلنا مَنْ خالفنا في الدين، قطعنا آباءنا وعشيرتنا، وذهبت تجارتنا، وخربت ديارنا، فنزلت هذه الآية، ذكره بعض المفسرين في هذه الآية، وذكره بعضهم في الآية الأولى كما حكيناه عن ابن عباس. فأما العشيرة، فهم الأقارب الأدنون. وروى أبو بكر عن عاصم: «وعشيراتُكم» على الجمع. قال أبو علي: وجهه أن كل واحد من المخاطَبين له عشيرة، فاذا جمعت قلت: عشيراتكم؛ وحجة من افرد: أن العشيرة واقعة على الجمع، فاستغنى بذلك عن جمعها. وقال الأخفش: لا تكاد العرب تجمع عشيرة: عشيرات، إنما يجمعونها على عشائر. والاقتراف بمعنى الاكتساب. والتربص: الانتظار.

وفي قوله: { حتى يأتيَ الله بأمره } قولان.

أحدهما: أنه فتح مكة، قاله مجاهد، والأكثرون. ومعنى الآية: إن كان المُقام في أهاليكم، وكانت الأموال التي اكتسبتموها { وتجارةٌ تخشون كسادها } لفراقكم بلدكم { ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم } من الهجرة، فأقيموا غير مُثابين حتى تُفتح مكة، فيسقط فرض الهجرة.

والثاني: أنه العقاب، قاله الحسن.