قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتَّقوا الله وكونوا مع الصَّادقين } في سبب نزولها قولان. أحدهما: أنها نزلت في قصة الثلاثة المتخلِّفين. والثاني: أنها في أهل الكتاب. والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم وكونوا مع الصادقين. وفي المراد بالصادقين خمسة أقوال. أحدها: أنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قاله ابن عمر. والثاني: أبو بكر وعمر، قاله سعيد بن جبير، والضحاك. وقد قرأ ابن السميفع. وأبو المتوكل، ومعاذ القارىء: «مع الصَّادِقَيْنِ» بفتح القاف وكسر النون على التثنية. والثالث: أنهم الثلاثة الذين خُلِّفوا، صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخُّرهم، قاله السدي. والرابع: أنهم المهاجرون، لأنهم لم يتخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد، قاله ابن جريج. قال أبو سليمان الدمشقي: وقيل: إن أبا بكر الصديق احتج بهذه الآية يوم السقيفة، فقال: يا معشر الأنصار، إن الله يقول في كتابه: { للفقراء المهاجرين الذين أُخِرجوا } إلى قوله:{ أولئك هم الصادقون } [الحشر: 8] من هم؟ قالت الأنصار: أنتم هم. قال: فان الله تعالى يقول: { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } فأمركم أن تكونوا معنا، ولم يأمرنا أن نكون معكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. والخامس: أنه عامّ، قاله قتادة و«مع» بمعنى «مِنْ»، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود: «وكونوا من الصادقين».