قوله تعالى: { وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا } وقرأ أبو رزين، وأبو مجلز، والشعبي، وابن يعمر: «خالفوا» بألف. وقرأ معاذ القارىء، وعكرمة، وحميد: «خَلَفُوا» بفتح الخاء واللام المخففة. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو العالية: «خَلَّفوا» بفتح الخاء واللام مع تشديدها. وهؤلاء هم المرادون بقوله: { وآخرون مُرجَوْنَ } وقد تقدَّمت أسماؤهم [التوبة: 106] وفي معنى «خُلّفوا» قولان. أحدهما: خُلِّفوا عن التوبة، قاله ابن عباس، ومجاهد، فيكون المعنى: خُلِّفوا عن توبة الله على أبي لبابة وأصحابه إذ لم يخضعوا كما خضع أولئك. والثاني: خُلِّفوا عن غزوة تبوك، قاله قتادة. وحديثهم مندرج في توبة كعب بن مالك، وقد رويتها في كتاب «الحدائق». قوله تعالى: { حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت } أي: ضاقت مع سَعَتها، وذلك أن المسلمين مُنعوا من معاملتهم وكلامهم، وأُمروا باعتزال أزواجهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مُعرِضاً عنهم. { وضاقت عليهم أنفسهم } بالهمِّ والغمِ. { وظنوا } أي: أيقنوا { أن لا ملجأ } أي: لا معتصَم من الله ومن عذابه إلا هو. { ثم تاب عليهم } أعاد التوبة تأكيداً، { ليتوبوا } قال ابن عباس: ليستقيموا وقال غيره: وفَّقهم للتوبة ليدوموا عليها ولا يرجعوا إلى ما يبطلها. وسئل بعضهم عن التوبة النصوح، فقال: أن تضيق على التائب الارضُ، وتضيق عليه نفسه، كتوبة كعب وصاحبيه.