الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }

قوله تعالى: { لا تقم فيه } أي: لا تصلِّ فيه أبداً. { لمسجد أُسِّس على التقوى } أي بني على الطاعة، وبناه المتقون { من أول يوم } أي: منذ أول يوم. قال الزجاج: { مِنْ } في الزمان، والأصل: منذ ومذ، وهو الأكثر في الاستعمال. وجائز دخول { من } لأنها الأصل في ابتداء الغاية والتبعيض، ومثله قول زهير:
لِمَنِ الديارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ   أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ شَهْرِ
وقيل: معناه مِن مَرِّ حِجج ومِن مَرِّ شهر. وفي هذا المسجد ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الذي فيه منبره وقبره. روى سهل بن سعد: أن رجلين اختلفا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد الرسول، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " هو مسجدي هذا " وبه قال ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن المسيب.

والثاني: أنه مسجد قباء، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وقتادة، وعروة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والضحاك، ومقاتل.

والثالث: أنه كل مسجد بني في المدينة، قاله محمد بن كعب.

قوله تعالى: { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } سبب نزولها أن رجالاً من أهل قباء كانوا يستنجون بالماء، فنزلت هذه الآية، قاله الشعبي قال ابن عباس: " لما نزلت هذه الآية، أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالما الذي أثنى الله به عليكمفقالوا: إنا نستنجي بالماء " فعلى هذا، المراد به الطهارة بالماء. وقال أبو العالية: أن يتطهروا من الذنوب.